فصل: المقصد الأول في ذكر خزائن الكتب المشهورة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا **


  النوع الثامن عشر المعرفة بخزائن الكتب وأنواع العلوم

والكتب المصنفة فيها وأسماء الرجال المبرزين في فنونها وفيه مقصدان

 المقصد الأول في ذكر خزائن الكتب المشهورة

قد كان للخلفاء والملوك في القديم بها مزيد اهتمام وكما اعتناء حتى حصلوا منها على العدد الجم وحصلوا على الخزائن الجليلة‏.‏

ويقال إن أعظم خزائن الكتب في الإسلام ثلاث خزائن‏:‏ فكان فيها من الكتب ما لا يحصى كثرة ولا يقوم عليه نفاسة ولم تزل على ذلك إلى أن دهمت التتر بغداد وقتل ملكهم هولاكو المستعصم آخر خلفائهم ببغداد فذهبت خزانة الكتب فيما ذهب وذهبت معالمها وأعفيت آثارها‏.‏

الثانية خزانة الخلفاء الفاطميين بمصر وكانت من أعظم الخزائن وأكثرها جمعاً للكتب النفيسة من جميع العلوم على ما سيأتي ذكره في الكلام على ترتيب مملكة الديار المصرية في المقالة الثانية‏.‏

ومل تزل على ذلك إلى أن انقرضت دولهم بموت العاضد آخر خلفائهم واستيلاء السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على المملكة بعدهم فاشترى القاضي الفاضل أكثر كتب هذه الخزانة ووقفها بمدرسته الفاضلية بدرب ملوخيا بالقاهرة فبقيت فيها إلى أن استولت عليها الأيدي فلم يبق منها إلا القليل‏.‏

الثالثة خزانة خلفاء بني أمية بالأندلس وكانت من أجل خزائن الكتب أيضاً‏.‏

ولم تزل إلى انقراض دولتهم باستيلاء ملوك الطوائف على الأندلس فذهبت كتبها كل مذهب‏.‏

أما الآن فقد قلت عناية الملوك بخزائن الكتب واكتفاء بخزائن كتب المدارس التي ابتنوها من حيث إنها بذلك أمس‏.‏

واعلم أن الكتب المصنفة أكثر من أن تحصى وأجل من أن تحصر لا سيما الكتب المصنفة في الملة الإسلامية فإنها لم يصنف مثلها في ملة من الملل ولا قام بنظرها أمة من الأمم إلا أن منها كتباً مشهورة قد توفرت الدواعي على نقلها والإكثار من نسخها وطارت سمعتها في الآفاق ورغب في اقتنائها‏.‏

  المقصد الثاني في ذكر العلوم المتداولة بين العلماء والمشهور من الكتب المصنفة فيها ومؤلفيهم

ويرجع المقصد فيها إلى سبعة أصول يتفرع عنها أربعة وخمسون علماً الأصل الأول علم الأدب وفيه عشرة علوم الأول علم اللفة‏:‏ من الكتب المختصرة فيه المنتخب والمجرد لكراع وأدب الكاتب لابن قتيبة وفقه اللغة للثعالبي والفصيح لثعلب وكفاية المتحفظ لابن الأحدابي والألفية لأبن إصبع‏.‏

ومن المتوسطة فيه المجمل لابن فارس وديوان الأدب للفارابي وإصلاح المنطق لابن السكيت‏.‏

ومن المبسوطة الجامع للأزهري والعباب الزاخر للصاغاني والصحاح للجوهري‏.‏

قال في إرشاد القاصد‏:‏ ولا أنفع ولا أجمع من المحكم لابن سيده‏.‏

الثاني علم التصرف‏:‏ من الكتب المختصرة فيه التصريف الملوكي لابن جني والتعريف لابن مالك‏.‏

ومن المتوسطة تصريف ابن الحاجب وهو من أحسن الكتب الموضوعة فيه وأجمعها‏.‏

ومن المبسوطة فيه الممتع لابن عصفور وشروح تصريف ابن الحاجب وغيره‏.‏

الثالث علم النحو‏:‏ من الكتب المختصرة فيه الكافية لابن الحاجب والدرة الألفية لابن معطي والخلاصة لابن مالك‏.‏

ومن المتوسطة المفصل للزمخشري والمقرب لابن عصفور والكافية الشافية لابن مالك وتسهيل الفوائد له وهو الجامع على شدة اختصاره‏.‏

ومن المبسوطة كتاب سيبويه وشروحه وشرح ابن قاسم على الألفية و شرحه على التسهيل وشرح شهاب الدين السمين عليه وأوسع الكل شرح الشيخ أثير الدين أبي حيان على التسهيل‏.‏

الرابع علم المعاني‏:‏ من الكتب المنفردة فيه مصنف تميثم الحربى وهو عزيز الوجود‏.‏

الخامس علم البيان‏:‏ من الكتب المنفردة به كتاب نهاية الإعجاز للإمام فخر الدين الرازي والجامع الكبير لابن الأثير الجزري‏.‏

السادس علم البديع‏:‏ من الكتب المنفردة به المختصرة فيه زهر الربيع للمطرزي‏.‏

ومن المتوسطة فيه البديع للتيفاشي وشرح البديعية للصفي الحلي‏.‏

ومن المبسوطة كتاب التحبير لابن الأصبع‏.‏

تنبيه ومن الكتب المشتملة على علوم المعاني والبيان والبديع روض الأزهار لابن مالك والإيضاح لابن مالك وأعظمها شهرة بالديار المصرية تلخيص المفتاح لقاضي القضاة جلال الدين القزويني وعليه عدة شروح منها شرح الخلخالي وشرح الشيخ أكمل الدين وشرح الشيخ بهاء الدين السبكي وهو من أجل شروحه والمعول عليه منها شرح الشيخ سعد الدين التفتازاني‏.‏

السابع علم العروض‏:‏ من الكتب المختصرة فيه عروض ابن مالك ولابن الحاجب فيه لامية كافية اعتنى الناس بشرحها وممن شرحها الشيخ جمال الدين بن واصل والشيخ جمال الدين الأسنوي‏.‏

وللساوي لامية ضاهى فيها ابن الحاجب وللإمام القزويني عليها شرح حسن وللأيكي فيه مختصر بديع وللجوهري فيه مختصر‏.‏

ومن المتوسطة فيه عروض ابن القطاع وابن الخطيب التبريزي‏.‏

ومن المبسوطة كتاب الأمين المحلي وعروض الأستاذ أبي الحسن العروضي المعروف بأستاذ المقتدر‏.‏

وقد نظم فيه صاحبنا شعبان الآثاري محتسب مصر ألفية فائقة سماها هداية الضليل إلى علم الخليل جمع فيها فأوعى‏.‏

الثامن علم القوافي‏:‏ من الكتب المختصرة فيها قوافي الأيكي ومن المتوسطة قوافي ابن القطاع ومن المبسوطة قوافي ابن سيده‏.‏

التاسع علم قوانين الخط‏:‏ في أصول الخط ألفية لشعبان الآثاري ولابن الحسين كتاب في قلم الثلث ولابن الشيخ عز الدين بن عبد السلام مصنف في قلم النسخ وفي صناعة الهجاء المختصة بالقرآن الرائية للشاطبي وفي خلال كتب النحو الجامعة كالتسهيل وغيره جملة من الهجاء وقد أودعت في هذا الكتاب ما فيه كفاية من ذلك‏.‏

العاشر قوانين القراءة‏:‏ فيه كتاب التنبيه لأبي عمرو الداني‏.‏

الأصل الثاني العلوم الشرعية وفيه تسعة علوم الأول علم النواميس المتعلق بالنبوات وفيه كتاب لأرسطاطاليس وكتاب لأفلاطون وأكثر مسائله في كتاب المدينة الفاضلة لأبي نصر الفارابي وفي آخر الطوالع والمصباح للبيضاوي مسائل من ذلك‏.‏

الثاني علم القراءات‏:‏ من الكتب المختصرة فيه التيسير لأبي عمرو الداني ونظمه الشاطبي في قصيدته التي وسمها بحرز الأماني فأغنت عما سواها من كتب القراءات واعتنى الناس بشرحها ولابن مالك دالية بديعة في علم القراءات لكنها لم تشتهر‏.‏

ومن الكتب المبسوطة فيه كتاب الروضة في القراءات وشروح الشاطبية كالفاسي وغيره‏.‏

الثالث علم التفسير‏:‏ من الكتب المختصرة فيه زاد المسير لابن الجوزي والوجيز للواحدي والنهري لأبي حيان‏.‏

ومن المتوسطة فيه الوسيط للواحدي والكشاف للزمخشري ومعالم التنزيل للبغوي‏.‏

ومن المبسوطة البسيط للواحدي و تفسير القرطبي وتفسير الإمام فخر الدين والبحر واعلم أن كل واحد من المفسرين قد غلب عليه فن من الفنون يميل إليه في تفسيره فالتيفاشي تغلب عليه القصص وابن عطية تغلب عليه العربية وابن عطية تغلب عليه أحكام الفقه والزجاج تغلب عليه المعاني وغير ذلك‏.‏

الرابع علم رواية الحديث‏:‏ أضبط الكتب المصنفة فيه وأصلحها رواية صحيح البخاري و صحيح مسلم رضي الله عنهما وبعدهما بقية كتب السنن المشهورة‏:‏ كسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارقطني‏.‏

والمسندات المشهورة كمسند أحمد وابن أبي شيبة والبزار ونحوها‏.‏

ومن كتب السير السيرة لابن هشام وزهر الخمائل لابن سيد الناس‏.‏

ومن الكتب المبسوطة المشتملة على متون الأحاديث دون الرواة جامع الأصول لابن الأثير‏.‏

ومن المتوسطة الجمع في ذلك الجمع بين الصحيحين للحميدي ومختصر جامع الأصول لمصنفه‏.‏

ومن المختصرة فيما يتعلق بالأحكام الإلمام بأحاديث الأحكام للشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد وعمدة الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي‏.‏

ومما يتعلق بالترغيب والترهيب رياض الصالحين للنووي‏.‏

ومما يتعلق بالأدعية كتاب الأذكار له وسلاح المؤمن لابن الإمام‏.‏

إلى غير ذلك من أنواع المصنفات المختلفة المقاصد مما لا يحصى كثرة‏.‏

الخامس علم دارية الحديث‏:‏ من الكتب الموصلة للدخول في ذلك علوم الحديث لابن الصلاح وتقريب التيسير للنووي وعلم الحديث للحاكم والكافية للخطيب أبي بكر وفي أول جامع الأصول المقدم ذكره في كتب رواية الحديث قطعة من ذلك‏.‏

ومن الكتب المبسوطة في أسماء الرجال الكمال‏.‏

ومن الكتب المبسوطة في معاني الحديث شرح البخاري لابن بطال وشرحه لابن التين المغربي وشرحه لمغلطاي وشرحه للكرماني وشرحه لشيخنا سراج الدين بن الملقن وشرح مسلم للقاضي عياض وشرحه للشيخ محي الدين النووي وشرح سنن أبي داود للخاطبي وشرح العمدة للشيخ تقي الدين بن دقيق العيد وشرحها للشيخ تاج الدين الفاكهاني‏.‏

ومن الكتب في غريب الحديث كتاب الغريبين للهروي والنهاية لأبي السعادات بن الأثير وغير ذلك من سائر الأنواع‏.‏

السادس علم أصول الدين‏:‏ من الكتب المختصرة فيه الطوالع للقاضي ناصر الدين البيضاوي والمصباح له وقواعد العقائد للخواجا نصير الدين الطوسي وكتاب الأربعين للقاضي جمال الدين بن واصل‏.‏

ومن المتوسطة المحصل للإمام فخر الدين والصحائف للسمرقندي وشرح الطوالع للسيد العبري وشرحها للشيخ عز الدين الأصفهاني‏.‏

السابع علم أصول الفقه‏:‏ من الكتب المختصرة فيه مختصر ابن الحاجب ومنهاج البيضاوي والتنقيح للقرافي والقواعد لابن الساعاتي‏.‏

ومن المتوسطة فيه التحصيل للأرموي‏.‏

ومن المبسوطة فيه الأحكام للآمدي والمحصول للإمام فخر الدين وشروح مختصر ابن الحاجب‏:‏ كشرح القطب الشيرازي وشرحي المسيلي وشرح الشيخ شمس الدين الأصفهاني وأتقن شرح عليه للعضد وكشرح منهاج البيضاوي لابن المطهر وشرحه للشيخ جمال الدين الأسنوي وغير ذلك وكشرح التنقيح لمصنفه‏.‏

الثامن علم الجدل‏:‏ من الكتب المختصرة فيه المغني للأبهري والفصول للنسفي والخلاصة للمراغي والمعونة لأبي إسحاق الشيرازي ومن المتوسطة فيه النفائس للعميدي والوسائل للأرموي ومن المبسوطة تهذيب النكث للأبهري‏.‏

التاسع علم الفقه‏:‏ من كتب الشافعية المختصرة مختصر المزني ومختصر البوطي والوجيز للغزالي والتنبيه لأبي إسحاق الشيرازي والمحرر للرافعي والمنهاج للنووي والحاوي الصغير لعبد الغفار القزويني والعجاب وجامع المختصرات ومختصر الجوامع للشيخ كمال الدين الشيباني‏.‏

ومن المتوسطة المهذب لأبي إسحاق الشيرازي والوسيط للغزالي والشرح الصغير للرافعي والروضة للنووي والجواهر للقمولي وأجمعها على اختصار المنتقى للشيخ كمال الدين الشيباني‏.‏

ومن المبسوطة الأم للإمام الشافعي والحاوي للماوردي والبحر للروياني والنهاية لإمام الحرمين والبسيط للغزالي والشامل لابن الصباغ والتتمة للمتولي والعدة لأبي المكارم الروياني والشرح الكبير على الوجيز للرافعي وشرح المهذب للنووي انتهى فيه إلى أثناء الربا ولو كمل لأغنى عن جل كتب المذهب والكفاية في شرح التنبيه لابن الرفعة والمطلب في شرح الوسيط له والبحر المحيط في شرح الوسيط للقمولي‏.‏

ومن محاسنها المهمات على الرافعي والروضة للشيخ جمال الدين الأسنوي‏.‏

ومن كتب الحنفية المختصرة البداية والنافع والكنز ومجمع البحرين ومختار الفتوى‏.‏

ومن المتوسطة الهداية‏.‏

ومن المبسوطة المحيط والمبسوط والتحرير والجامع الكبير وغير ذلك‏.‏

ومن كتب المالكية المختصرة التلقين للقاضي عبد الوهاب ومختصر ابن الجلاب ومختصر ابن الحاجب‏.‏

ومن نفيس المختصرات فيها مختصر الشيخ خليل المالكي حذا فيه قريباً من حذو جامع المختصرات‏.‏

ومن المتوسطة التهذيب للبرادعي والجواهر لابن شاس ونظم الدر للشارمساجي‏.‏

ومن المبسوطة النوادر لابن أبي زيد والبيان والتحصيل وكتاب ابن يونس وشرح التلقين للمازري وليس بكامل والذخيرة للقرافي‏.‏

ومن كتب الحنابلة المختصرة مختصر الحذقي والنهاية الصغرى لابن رزين‏.‏

ومن المتوسطة المقنع والكافي‏.‏

ومن المبسوطة المغني لابن قدامة‏.‏

ومن كتب الخلاف في المذاهب الأربعة الاختلاف والجمع لابن هبيرة الحنبلي‏.‏

ومن المشتمل على مذاهب السلف الإشراف لابن المنذر‏.‏

الأصل الثالث العلم الطبيعي وفيه اثنا عشر علماً الأول علم الطب‏:‏ من الكتب المختصرة فيه الموجز لابن النفيس والفصول لأبقراط‏.‏

ومن المتوسطة المختار لابن هبل والمائة للمسيحي والشافي لابن القف‏.‏

ومن المبسوطة كامل الصناعة المعروف بالملكي والقانون للرئيس أبي علي بن سينا وهو الذي أخرج الطب من التلفيق إلى التهذيب والترتيب وهو أجمع الكتب وأبلغها لفظاً وأحسنها تصنيفاً‏.‏

الثاني علم البيطرة‏:‏ من الكتب المصنفة فيه كتاب حنين بن إسحاق‏.‏

الثالث علم البيزرة‏:‏ من الكتب المصنفة فيه كتاب القانون الواضح وفي كتاب العلاجين لابن العوام جملة كافية من البيطرة والبيزرة‏.‏

الرابع علم الفراسة‏:‏ من الكتب المصنفة فيه كتاب أرسطاطاليس وكتاب الفراسة للإمام فخر الدين الرازي ولفيلن فيه كتاب مختص بالتفرس في النساء‏.‏

الخامس علم تعبير الرؤيا‏:‏ من الكتب المختصرة فيه فوائد الفرائد لابن الدقاق وتعبير الحنبلي المرتب على حروف المعجم‏.‏

ومن المتوسطة فيه شرح البدر المنير للحنبلي‏.‏

ومن المبسوطة فيه السادس علم أحكام النجوم‏:‏ من الكتب المختصرة فيه مجمل الأصول لكوشيار والجامع الصغير لمحي الدين المغربي‏.‏

ومن المتوسطة كتاب التاريخ والمغني لابن هنبتا‏.‏

ومن المبسوطة مجموع ابن سريج‏.‏

ومن الكتب المنفردة ببعض أجزائه الأدوار لأبي معشر والإرشاد لأبي الريحان البيروني والمواليد للخصيبي والتحاويل للسحرتي والمسائل للقيصراني ودرج الفلك لسكوشا‏.‏

ومن المدخل إليه مدخل القبيصي والتفهيم للبيروني مدخل إلى هذا الفن وفيه ما يحتاج إليه من الرياض أيضاً‏.‏

السابع علم السحر‏.‏

وعلم الحرف والأوفاق‏:‏ ومن كتب السحر المعتبرة في بعض طرائقه السر المكتوم المنسوب للإمام فخر الدين وكتاب الجمهرة للخوارزمي وكتاب طيمارس لأرسطاطاليس وفي غاية الحكم للمجريطي فصول كافية في بعض طرقه أيضاً‏.‏

ومن كتب علم الحرف كتاب لطائف الإشارات للبوني وشمس المعارف له وهو عزيز الوجود وفي النسخ المعتبرة من اللمعة النورانية للبوني قطعة كافية منه‏.‏

الثامن علم الطلسمات‏:‏ في كتاب طبتانا الذي نقله ابن وحشية عن النبط أنموذج لعمل الطلسمات ومدخل إلى علمها وفي غاية الحكم للمجريطي قواعد هذا العلم‏.‏

قال في إرشاد القاصد إلا أنه ضن بالتعليم كل الضن ولأبي يعقوب السكاسكي فيه كتاب جليل القدر‏.‏

العاشر علم اليكيماء‏:‏ من الكتب المطولة فيه كتب جابر بن حيان‏.‏

قال في إرشاد القاصد‏:‏ وأمثل كتب الإسلاميين في ذلك التذكرة لابن كمونه ورتبة الحكيم للمجريطي وشرح الفصول لعون بن المنذر‏.‏

ومن النظم الرائق فيه نظم الشذوري‏.‏

الحادي عشر علم الفلاحة‏:‏ من الكتب المختصرة فيه الفلاحة المصرية‏.‏

ومن المبسوطة فيه الفلاحة النبطية ترجمة أبي بكر بن وحشية‏.‏

الثاني عشر علم ضرب الرمل‏:‏ من الكتب المصنفة فيه تجارب العرب وفي مثلثات ابن محقق حصر صوره‏.‏

تنبيه‏:‏ لأرسطاطاليس ثمانية كتب في الطبيعي يختص كل كتاب منها بجزء جردها ابن سينا في مختصر ترجمه بالمقتضيات ولخصها أبو الوليد بن رشد تلخيصاً مفيداً والمتأخرون جمعوا في غالب كتبهم بينه وبين الإلهي في التصنيف كما في الطوالع والمصباح للبيضاوي‏.‏

الأصل الرابع علم الهندسة وفيه عشرة علوم الأول علم عقود الأبنية‏:‏ من الكتب المصنفة فيه مصنف لابن الهيثم ومصنف للكرخي‏.‏

الثاني علم المناظر‏:‏ من الكتب المختصرة فيه كتاب اقليدس‏.‏

ومن المتوسطة كتاب علي بن عيسى الوزير‏.‏

ومن المبسوطة كتاب ابن الهيثم‏.‏

الرابع علم مراكز الأثقال‏:‏ من الكتب المعتبرة فيه كتاب ابن الهيثم وفيه كتاب لأبي سهل الكوهي‏.‏

الخامس علم المساحة‏:‏ من الكتب المختصرة فيه كتاب ابن مجلي الموصلي‏.‏

ومن المتوسطة كتاب ابن المختار‏.‏

ومن المبسوطة كتاب أرشميدس‏.‏

السادس علم إنباط المياه‏:‏ للكرخي فيه مختصر جليل وفي خلال الفلاحة النبطية لابن وحشية مهمات هذا العلم‏.‏

السابع علم جر الأثقال‏:‏ فيه كتاب لفيلن‏.‏

الثامن علم البنكامات‏:‏ فيه كتاب لأرشميدس عمدة في بابه‏.‏

التاسع علم الآلات الحربية‏:‏ فيه كتاب لبني موسى بن شاكر‏.‏

العاشر علم الآلات الروحانية‏:‏ أشهر كتبه الكتاب المعروف بحيل بني موسى وفيه كتاب مختصر لفيلن وكتاب مبسوط للبديع الجزري‏.‏

الأصل الخامس علم الهيئة وفيه خمسة علوم الأول علم الزيجات‏:‏ قال في إرشاد القاصد‏:‏ أقرب الزيجات عهداً بالرصد الزيج العلائي‏.‏

قال وأهل مصر في زماننا إنما يقيمون دفتر السنة من زيج لفقوه من عدة أزياج ولقبوه بالمصطلح وأتم الزيجات في زماننا الذي نحن فيه زيج الشيخ علاء الدين بن الشاطر الدمشقي وهو عزيز الوجود لم ينتشر ولم تكثر نسخه بعد‏.‏

الثاني علم المواقيت‏:‏ من الكتب المختصرة فيه نفائس اليواقيت في علم المواقيت‏.‏

ومن المبسوطة جامع المبادي والغايات لأبي علي المراكشي‏.‏

الثالث علم كيفية الأرصاد‏:‏ من الكتب المعتبرة فيه كتاب الأرصاد لابن الهيثم وكتاب الآلات العجيبة للحارثي يشتمل عليه‏.‏

الرابع علم تسطيح الكرة‏:‏ من الكتب القديمة فيه كتاب تسطيح الكرة‏.‏

لبطليموس‏.‏

ومن الكتب المحدثة فيه الكامل للفرغاني والاستيعاب للبيروني وآلات التقويم للمراكشي‏.‏

الخامس علم الآلات الظلية‏:‏ فيه عدة مصنفات ولإبراهيم بن سنان الحراني فيه كتاب مبرهن‏.‏

الأصل السادس علم العدد المعروف بالارتماطيقي وفيه خمسة علوم الأول علم الحساب المفتوح‏:‏ من الكتب المختصرة فيه مختصر ابن مجلي الموصلي ومختصر ابن فلوس المارديني ومختصر السموأل بن يحيى المغربي‏.‏

ومن المتوسطة الكافي للكرخي‏.‏

ومن المبسوطة الكامل لأبي القاسم بن السمح‏.‏

الثاني علم حساب التخت والميل‏:‏ من الكتب المصنفة فيه على طريق الهندي كتب معدة ومن الثالث علم الجبر والمقابلة‏:‏ من الكتب المختصرة فيه نصاب الجبر لابن فلوس المارديني والمفيد لابن مجلي الموصلي‏.‏

ومن المتوسطة فيه كتاب المظفر الطوسي‏.‏

ومن المبسوطة جامع الأصول لابن المجلي والكامل لأبي شجاع بن أسلم‏.‏

الرابع علم حساب الخطأين‏:‏ وفيه من الكتب الجامعة كتاب لزين الدين المعري‏.‏

الخامس علم حساب الدور والوصايا‏:‏ ومن الكتب المصنفة فيه كتاب لأفضل الدين الحويحي‏.‏

الأصل السابع العلوم العملية وفيه ثلاثة علوم الأول علم السياسة‏:‏ ومن الكتب المصنفة فيه كتاب السياسة لأرسطاطاليس الذي ألفه للإسكندر وكتاب المدينة الفاضلة لأبي نصر الفارابي وللشيخ تقي الدين بن تيمية كتاب حسن في السياسة الشرعية‏.‏

الثاني علم الأخلاق‏:‏ ومن الكتب المختصرة فيه كتاب للشيخ أبي علي بن سينا‏.‏

ومن المتوسطة كتاب الفوز لأبي علي بن مسكويه ومن المبسوطة كتاب للإمام فخر الدين الرازي‏.‏

الثالث علم تدبير المنزل‏:‏ ويحصل الانتفاع فيها بالإطلاع على السير الفاضلة المحمودة للملوك وغيرهم ولا أنفع من السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام‏.‏

فإذا عرف الكاتب هذه العلوم والفنون وما صنف فيها من الكتب أمكنه التصرف فيها في كتابه بذكر علم نبيل لمساواته أو التفضيل عليه وذكر كتاب مصنف في ذلك حيث تدعو الحاجة إلى ذكره‏:‏ كما وقع لي في تقريظ مولانا قاضي القضاة شيخ الإسلام جلال الدين عبد الرحمن ابن سيدنا شيخ الإسلام أبي حفص عمر البلقيني الكناني الشافعي إن تكلم في الفقه فكأنما بلسان الشافعي تكلم والربيع عنه يروي والمزني منه يتعلم أو خاض في أصول الفقه قال الغزالي هذا هو الإمام باتفاق وقطع السيف الآمدي بأنه المقدم في هذا الفن على الإطلاق أو جرى في التفسير قال الواحدي هذا هو العالم الأوحد وأعطاه ابن عطية صفقة يده بأن مثله في التفسير لا يوجد واعترف له صاحب الكشاف بالكشف عن الغوامض وقال الإمام فخر الدين هذه مفاتيح الغيب وأسرار التنزيل فارتفع الخلاف واندفع المعارض أو أخذ في القراءات والرسم أزرى بأبي عمرو الداني وعدا شأو الشاطبي في الرائية وتقدمه في حرز الأماني أو تحدث في الحديث شهد له السفيانان بعلو الرتبة في الرواية واعترف له ابن معين في التبريز والتقدم في الدراية وهتف الخطيب البغدادي بذكره على المنابر وقال ابن الصلاح لمثل هذه الفوائد تتعين الرحلة وفي تحصيلها تنفد المحابر أو أبدى في أصول الدين نظراً تعلق منه أبو الحسن الأشعري بأوفى زمام وسد باب الكلام على المعتزلة حتى يقول عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء ليتنا لم نفتح باباً في الكلام أو دقق النظر في المنطق بهر الأبهري في مناظرته وكتب الكاشي وثيقة على نفسه بالعجز عن مقاومته أو ألم بالجدل رمى الأرمومي نفسه بين يديه وجعل العميدي عمدته في آداب البحث عليه أو بسط في اللغة لسانه اعترف له ابن سيده بالسيادة وأقر بالعجز لديه الجوهري وجلس ابن فارس بين يديه مجلس الاستفادة أو نحا إلى النحو والتصريف أربى فيه على سيبويه وصرف الكسائي له عزمه فسار من البعد إليه أو وضع أنموذجاً في علوم البلاغة وقف عنده الجرجاني ولم يتعد حده ابن أبي الأصبع ولم يجاوز وضعه الرماني أو روى أشعار العرب أزرى بالأصمعي في حفظه وفاق أبا عبيدة في كثرة روايته وغزير لفظه أو تعرض للعروض والقوافي استحقهما على الخليل وقال الأخفش عنه أخذت المتدارك واعترف الجوهري بأنه ليس له في هذا الفن مثيل أو أصل في الطب أصلاً قال ابن سينا هذا هو القانون المعتبر في الأصول وأقسم الرازي بمحي الموتى أن بقراط لو سمعه لما صنف الفصول أو جنح إلى غيره من العلوم الطبيعية فكأنما طبع عليه أو جذبه بزمام فانقاد ذلك العلم إليه أو سلك في علوم الهندسة طريقاً لقال إقليدس هذا هو الخط المستقيم وأعرض ابن الهيثم عن حل الشكوك وولى وهو كظيم وحمد المؤتمن بن هود عدم إكمال كتابه الاستكمال وقال عرفت بذلك نفسي وفوق كل ذي علم عليم أو عرج على علوم الهيئة لاعتراف أبو الريحان البيروني أنه الأعجوبة النادرة وقال ابن أفلح هذا العالم قطب هذه الدائرة أو صرف إلى علم الحساب نظره لقال السموأل بن يحيى لقد أحيا هذا العز الدارس وانجلت عن هذا العلم غياهبه حتى لم يبق عمه لعامه ولا غمة على ممارس‏:‏ وقد وجدت مكان القول ذا سعة فإن وجدت لساناً قائلاً فقل وسوف أورد هذه الرسالة في موضعها من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى وكذلك يجري القول فيما يكتب به من إجازات أهل العلوم ونحوها في كل علم وقد تقدم ذكر شيء مما يجري هذا المجرى في الكلام على النحو ونحوه‏.‏

  النوع الثامن عشر المعرفة بالأحكام السلطانية

ليعرف كيف يخلص قلمه على حكم الشريعة المطهرة وما يشترط في كل ولاية من الشروط فينبه عليها ويقف عندها وما يلزم رب كل وظيفة من أرباب الوظائف وما يندب له فيورده في وصاياه‏.‏

وقد أورد أقضي القضاة أبو الحسن علي ابن حبيب الماوردي رحمه الله في الأحكام السلطانية ما فيه مقنع من ذلك‏.‏

ونحن نورد في هذا الكتاب نبذة من كل باب مما به يستغني الناظر فيه عن مراجعة غيره‏.‏

والذي تكلم عليه الماوردي من الوظائف الأصول‏:‏ الإمامة والوزارة تقليد الإمارة على البلاد وتقليد الإمارة على الجهاد والولاية على ضروب المصالح وولاية القضاء وولاية المظالم وولاية النقابة على ذوي الأنساب والولاية على إقامة الصلوات والولاية علة الحج والولاية على الصدقات وقسم الفيء والغنيمة ووضع الجزية والخراج ومعرفة ما تختلف أحكامه من البلاد وإحياء الموات واستخراج المياه والحمى والأوقاف وأحكام الإقطاع وأحكام الديوان وأحكام الجرائم وأحكام الحسبة‏.‏

وأنا أقتصر من ذلك هنا على ما تفضي إليه حاجة الكاتب من الأحكام دون ما عداه من الفروع الزائدة على ذلك فإذا عرف حكم كل ولاية من هذه الولايات وما يوجب توليتها وما يعتبر في متوليها من الشروط وما يلزمه من الأمور إذا تولاها وما ينافي أمورها ويجانب أحوالها عرف ما يأتي من ذلك وما يذر فيكون ما ينشئه من البيعات والعهود والتقاليد والتفاويض والتواقيع وما يجري مجرى ذلك جارياً منه على السداد ما شياً على القواعد الشرعية التي من حاد عنها ضل ومن سلك خلاف طريقها زل‏.‏

وكذلك المناشير المتعلقة بالإقطاعات وعقد الجزية والمهادنات والمفاسخات وما يجري مجرى ذلك من الأمور السلطانية‏.‏

فإذا عرف حكم كل قضية وما يجب على الكاتب فيها وفاها حقها وآتى بذكر ما يتعلق بها من الشروط وجرى في وصايا الولايات بما يناسب كل ولاية منها فجرى الأمر في ذلك على السداد ومشت كتابته فيها على أتم المراد إن كتب بيعة أو عهداً لخليفة تعرض فيه إلى وجوب القيام بأمر الخلافة ونصب إمام للناس يقوم بأمرهم وتعرض إلى اجتماع شروط الخلافة في المولى وأنه أحق بها من غيره‏.‏

ثم إن كانت بيعة نشأت عن موت خليفة تعرض لذكر الخليفة الميت وما كان عليه أمره من القيام بأعباء الخلافة وأنه درج بالوفاة وأن المولى استحقها من بعده دون غيره‏.‏

وإن كانت ناشئة عن خلع خليفة تعرض للسبب الموجب لخلعه من الخروج عن سنن الطريق والعدول عن منهج الحق ونحو ذلك مما يوجب الخلع لتصح ورية الثاني‏.‏

وإن كان عهداً تعرض فيه إلى عهد الخليفة السابقة إليه بالخلافة وأنه أصاب في ذلك الغرض وجرى فيه على سواء الصراط ونحو ذلك مما يجري هذا المجرى من سائر الولايات على ما سيأتي ذكره في مواضعه إن شاء الله تعالى‏.‏

وهذه فقرة من بيعة أنشأتها توضح ما أشرت إليه من ذلك‏.‏

فمن ذلك ما قلته فيها مشيراً إلى وجوب القيام بالإمامة‏:‏ أما بعد فإن عقد الإمامة لمن يقوم بها من الأمة واجب بالإجماع مستند لأقوى دليل تنقطع دون نقضه الأطماع وتنبو عن سماع ما يخالفه الأسماع‏.‏

وكان فلان أمير المؤمنين هو الذي جمع شروطها فوفاها وأحاط منها بصفات الكمال واستوفاها ورامت به أدنى مراتبها فبلغت أغياها وتسور معاليها فرقي إلى أعلاها وأتحد بها فكان صورتها ومعناها‏.‏

ومن ذلك ما قلته فيها مشيراً إلى عقد البيعة‏:‏ فجمع أهل الحل والعقد المعتبرين للاعتبار والعارفين بالنقد من القضاة والعلماء وأهل الخير والصلحاء وأرباب الرأي والنصحاء واستشارهم في ذلك فصوبوه ولم يروا العدول عنه إلى غيره بوجه من الوجوه‏.‏

ومن ذلك ما قلته فيها مشيراً إلى القبول‏:‏ وقابل عقدها بالقبول بمحضر من القضاة والشهود فلزمت ومضى حكمها على الصحة فانبر مت إلى غير ذلك مما ينخرط في هذا من سائر الولايات وغيرها‏.‏

قلت‏:‏ وكما يجب عليه معرفة الأحكام السلطانية يتعين عليه معرفة ما عدا ذلك من الأمور الصناعية التي ينتظم أصحابها في سلك الولايات كالهندسة ونحوها وسيأتي التنفيه فيما يجب على كل واحد من أرباب الولايات عند ذكر ولاية كل منهم في موضعها إن شاء الله تعالى‏.‏

الطرف الثاني في معرفة ما يحتاج الكاتب إلى وصفه النوع الأول مما يحتاج إلى وصفه النوع الإنساني وهو على ضربين الضرب الأول أوصافه الجسمية وهي على ثلاثة أقسام القسم الأول ما يشترك فيه الرجال والنساء وهي عدة أمور منها‏:‏ حسن اللون والألوان في البشر ترجع إلى ثلاثة أصول وهي البياض والسمرة والسواد ويعبر عن السواد بشدة الأدمة وربما عبر عن البياض برقة السمرة ويستحسن من هذه الألوان البياض وأحسن البياض ما كان مشرباً بحمرة وقد جاء في حديث ضمام بن ثعلبة أنه حين سأل عن النبي صلى الله عليه وسلم عند وفوده عليه بقوله‏:‏ ‏"‏ آيكم ابن عبد المطلب قيل‏:‏ هو ذاك الأمغر المتكئ ‏"‏‏:‏ والأمغر هو المشرب بحمرة أخذاً من المغرة وهي الصبغ المعروف‏.‏

وقد جاء في وصفه صلى الله عليه وسلم أنه‏:‏ ‏"‏ أزهر اللون ‏"‏ والأزهر هو الأبيض بصفرة خفيفة‏.‏

والسمرة مستحسنة عند كثير من الناس وهو الغالب في لون العرب وقد قيل في قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ بعثت إلى الأحمر والأسود ‏"‏ إن المراد بالأحمر‏:‏ العجم لغلبة البياض فيهم والمراد بالأسود‏:‏ العرب لغلبة السمرة فيهم أما السواد فإنه غير ممدوح بل قد ذم الله تعالى السواد ومدح البياض بقوله‏:‏ ‏"‏ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ‏"‏ الآية على أن كثيراً من الناس قد جنحوا إلى استحسان السودان والميل إليهم وتأنقوا في الاحتفال بأمرهم وقد نص أصحابنا الشافعية على أنه لو قال لزودته‏:‏ إن لم تكوني أحسن من القمر فأنت طالق لم تطلق وإن كانت زنجية سوداء فقد قال تعالى‏:‏ ‏"‏ وصوركم فأحسن صوركم ‏"‏‏.‏

وبالجملة فالحسن في كل لون مستحسن ولقائل‏:‏ إن المليح مليح يحب في كل لون ومنها‏:‏ حسن القدود الربعة‏:‏ وهو المعتدل القامة الذي لا طول فيه ولا قصر وليس كما يقع في بعض الأذهان من أن المراد منه دون الاعتدال‏.‏

وقد جاء في وصف النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ربعة‏.‏

ويستحسن في القد القوام والرشاقة ويشبه بالرمح وبالغصن وأكثر ما يشبه به في ذلك أغصان ألبان لقوامها‏.‏

ومنها‏:‏ سواد الشعر وأكثر ما يكون ذلك في السمر فإن اجتمع مع البياض سواد الشعر كان ذلك في غاية من الحسن ويشبه سواد الشعر بالليل وربما وقعت المبالغة فيه فشبه بفحمة الليل وبدجى الليل وبفحمة الدجى وقد يشبه بالآبنوس ونحوه مما يغلب فيه حلك السواد‏.‏

وقد اختلف الناس في جعودة الشعر وسبوطته أيهما أحسن فذهب قوم إلى استحسان الجعودة وهي انقباض الشعر بعض انقباض وهو مما يستحسنه العرب وإليه ذهب الفقهاء حتى لو شرط البائع في عبد كونه جعد الشعر وظهر سبط الشعر رد بذلك بخلاف العكس وذهب آخرون إلى استحسان السبوطة وهي استرسال الشعر وانبساطه من غير انكماش وأكثر ما يوجد ذلك في الترك ومن في معناهم‏.‏

ثم الذاهبون إلى استحسان الجعودة يستحسنون التواء شعر الصدغ ويشبهونه بالواو تارة وبالعقرب أخرى‏.‏

ومنها‏:‏ وضوح الجبين وسعة الجبهة وانحسار الشعر عنها فيستقبح الغمم وهو عموم الجبهة أو بعضها بشعر الرأس‏.‏

ومنها‏:‏ وسامة الوجه وحسن المحيا‏.‏

ويشبه الوجه في الحسن بالشمس وبالقمر وبالسيف إلا أن التشبيه بالشمس وبالقمر أتم من التشبيه بالسيف لما فيه من صورة الاستطالة وقد جاء في بعض الآثار أنه قيل لبعض الصحابة رضي الله عنهم‏:‏ هل كان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كالسيف فقال بل كالشمس والقمر‏.‏

ويستحسن في الوجه حمرة الوجنتين ويشبه لونهما بالورد وبالشقيق وبالعقيق وبالعندم وما يجري مجرى ذلك مما تغلب فيه الحمرة المشرقة‏.‏

ومنها‏:‏ بلج الحاجبين وزججهما فالبلج‏:‏ انقطاع شعر الحاجبين بألا يكون بينهما شعر يصل ما بينهما وهو خلاف القرن وربما استحسن الخفي من القرن وهو الذي دق فيه شعر ما بين الحاجبين حتى لا يظهر فيه إلا خضرة خفية‏.‏

والجج‏:‏ دقة الحاجب مع طوله بحيث ينتهي إلى مؤخر العين وقد جاء في وصف النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان أزج الحاجبين‏.‏

ويستحسن في الحاجبين سواد شعرهما وان يكونا مقوسين ويشبه تقويسهما بالنون تارة وبالقوس أخرى‏.‏

ومنها‏:‏ حسن العينين ويستحسن في العين الحور وهو خلوص بياض العين والمجل‏:‏ وهو سعتها ويقال فيه حينئذ‏:‏ أنجل وربما قيل‏:‏ أعين ومنه قيل للحور‏:‏ عين والدعج وهو شدة سواد الحدقة‏.‏

الكحل وهو أن تسود مواضع الكحل من العين خلقة‏.‏

وتشبه العين بالصاد تارة وبالجيم أخرى وتشبه بالنرجس وربما شبهت بنور الباقلى واعترض بأن فيه حولا‏.‏

وربما شبهت العين بالسيف وبالسهم وبالسنان وقد يستحسن في العينين الفتور ومنها‏:‏ حسن الأنف ويستحسن فيه القنا وهو ارتفاع وسط الأنف قليلاً عن طرفيه مع دقة فيه وهو الغالب في العرب وقد جاء في وصفه صلى الله عليه وسلم‏:‏ أنه كان أقنى الأنف ويستحسن فيه الشمم أيضاً وهو استواء قصبة الأنف وعلو أرنبته‏.‏

ويشبه النف بالسيف في بريقه‏.‏

ومنها‏:‏ حسن الفم ويستحسن فيه الضيق ويشبه بالميم وبالصاد وبالخاتم‏.‏

ومنها‏:‏ حسن الشفتين ويستحسن فيهما الحمرة وتشبه حمرتها بما تشبه به الوجنة من الورد والعقيق والمرجان ونحوها ويستحسن فيهما اللمى وهو سمرة تعلو حمرتهما‏.‏

ومنها‏:‏ حسن الأسنان ويستحسن فيها الشنب وهو بياض وبريق يعلوهما‏.‏

‏.‏

وتشبه الإنسان في البياض وحسن النظم باللؤلؤ وبالبرد وبالطلع وهو نبت أبيض وبالأقاح وبالحبب وهو الذي يعلو الكأس عند شجه بالماء وقد تشبه بالجوهر ويستحسن فيها الأشر وهو تحديد الإنسان كما يقع في كثير من الصبيان ويستحسن في النسخ وهو لحم الأسنان - حمرة لونه ويشبه بالعقيق والورد وسائر ما يشبه به الخد‏.‏

ومنها‏:‏ حسن الجيد وهو العنق ويستحسن فيه طوله وبياضه من الأبيض ويشبه بإبريق فضة‏.‏

ومنها‏:‏ دقة الخصر وهو مقعد الإزار حتى إنهم يشبهونه بدور دملج ودور خلخال وما أشبه قلت‏:‏ وهذه الصفات وإن كان مستحسنة في الرجال والنساء جميعاً فإنها في النساء أكد فإن المر في الحسن منوط بهن فمهما كانت المرأة أحسن كان أعظم لشأنها وأعز لمكانها‏.‏

وقد قيل لرجل من بني عذره‏:‏ ما بال الرجل منكم يموت في هوى امرأة‏!‏ إنما ذلك لضعف فيكم يا بني عذره فقالك أما والله لو رأيتم النواظر الدعج فوقها الحواجب الزج تحتها المباسم الفلج لا تخذتموها اللات والعزى‏!‏ وقد أكثر الشعراء من التغزل بهذه المحاسن بما ملأ الدفاتر مما لا حاجة بنا إلى ذكره هنا‏.‏

القسم الثاني ما يختص به الرجال وأخص ما يختص به الرجال من المحاسن‏:‏ اللحية وقد قيل في قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ يزيد في الخلق ما يشاء ‏"‏‏:‏ إن المراد اللحية على خلاف في ذلك ويستحسن في اللحية استدارتها وتوسطها في المقدار وسواد شعرها‏.‏

فإذا حسنت اللحية من الرجل كملت محاسنه‏.‏

وتزيد الأحداث على الرجال في الحسن بمقدمات ذلك فيستحسن منهم خضرة الشارب وخضرة العارض والعذار ويشبه كل منهما بالآس وبالريحان وبدبيب النمل ونحو ذلك‏.‏

قائلين‏:‏ إن ذلك مما يدل على الشجاعة وهو أمر مطلوب في الرجال كما تقدم‏.‏

القسم الثالث ما يختص به النساء ومما ينفرد به النساء من الوصاف الجسمية‏:‏ السمن فهو أمر مطلوب في المرأة ما لم يفرط ويخرج عن الحد المطلوب ففي الصحيحين من حديث أم زرع‏:‏ بنت أبي زرعٍ وما بنت أبي زرع ملء كسائها وغيظ جارتها إشارة إلى امتلائها بالشحم‏.‏

ووصف أعرابي امرأة فقال‏:‏ بيضاء رعبوبة بالشحم مكروبة بالمسك مشبوبة‏.‏

وهذا بخلاف الرجال فإن المطلوب فيهم‏:‏ الخفة وقلة اللحم لأجل قوة النهضة وسرعة الحركة في الحرب وغيره والسمن يمنع ذلك مع ما يقال إن فيه تبليداً للذهن قال بعضهم‏:‏ ما رأيت حبراً سميناً إلا محمد بن الحسن يعني صاحب أبي حنيفة رضي الله عنه‏.‏

وربما استحسن قلة اللحم في المرأة أيضاً وتوصف حينئذ بالهيف‏.‏

ومن ذلك ثقل الردف فهو مما يتمدح به من النساء بخلاف الرجل فإن ذلك فيه غير محمود‏.‏

ومن غريب ما يحكى في ذلك أن رجلاً أخذ خطر من قوم على أن يغضب معاوية بن أبي سفيان مع غلبة حلمه فعمد إلى معاوية وهو ساجد في الصلاة فوضع يده على عجيزته وقال‏:‏ ما أشبه هذه العجيزة بعجيزة هند‏!‏ يعني أم معاوية فلما سلم من صلاته التفت إلى ذلك الرجل وقال‏:‏ يا هذا إن أبا سفيان كان محتاجاً من هند إلى ذلك وإن كان أحد جعل لك شيئاً على ذلك فخذه‏.‏

ومما يستحسن في المرأة طول الشعر في الرأس ودقة العظم وصغر القدم ونعومة الجسد وقلة شعر البدن في أمور أخرى يطول ذكرها‏.‏

الضرب الثاني الصفات الخارجة عن الجسد وهي على ثلاثة أقسام أيضاً ما يشترك فيه الرجال والنساء القسم الأول وهو يرجع إلى أصلين العقل والعفة ويدخل تحت كل من هذين الأصلين عدة من أوصاف المدح‏.‏

فأما العقل فيدخل تحته العلم وصفاته‏:‏ المعرفة والحياء والبيان والسياسة والكفاية والصدع بالحجة والحلم عن سفاهة الجهلة وغير ذلك مما يجري هذا المجرى‏.‏

ولا يخفي أن هذه الأوصاف مطلوبة في الرجال والنساء جميعاً وإن كان أكثرها بالرجال أليق‏.‏

وأما العفة فيدخل تحتها‏:‏ القناعة وقلة الشره وطهارة الإزار وغير ذلك مما لا يستغني عنه رجل ولا امرأة وإذا ركب العقل مع العفة حدث عنهما صفات أخرى مما يتمدح به‏:‏ كالنزاهة والرغبة عن المسألة والاقتصار على أدنى معيشة ونحو ذلك مما ينخرط في هذا السلك‏.‏

القسم الثاني ما يختص به الرجال دون النساء وهو يرجع إلى أصلين أيضاً وهما العدل والشجاعة ويدخل تحت كل من الأصلين عدة أوصاف من أوصاف المدح فيدخل تحت العدل السماحة والتبرع بالنائل وإجابة السائل وقرى الضيف وما شابه ذلك‏.‏

ويدخل تحت الشجاعة عدة أوصاف كالحماية والدفاع والأخذ بالثأر والنكاية في العدو والمهابة وقتل الأقران والسير في المهامه الموحشة وما أشبه ذلك وإذا ركب العقل مع الشجاعة حدث عنهما صفات أخرى مما يتمدح به كالصبر على الملمات ونوازل الخطوب والوفاء بالوعد ونحو ذلك‏.‏

ما يختص به النساء القسم الثالث ويرجع إلى أصلين مذمومين في الرجل وهما الجبن والبخل وذلك أن المرأة إذا جبنت كفت عن المساوي خوفاً على نفسها أو عرضها وإذا بخلت حفظت مال زوجها عن الضياع والإتلاف وحينئذ فتكون أوصاف الرجال الممدوحة أربعة أوصاف‏:‏ اثنان يشتركون فيهما مع النساء وهما العقل والعفة واثنان ينفردون بهما عن النساء وهما العدل والشجاعة‏.‏

وتكون أوصاف النساء الممدوحة أربعة أيضاً‏:‏ اثنان يشتركن فيهما مع الرجال وهما العقل والعفة واثنان ينفردن بهما عن الرجال وهما الجبن والبخل فيمدح كل من الصنفين بما هو قال قدامة بن جعفر الكاتب في نقد الشعر‏:‏ ومدائح الرجال تنقسم بحسب الممدوحين من أصناف الناس في الارتفاع والاتضاع وضروب الصناعات والتبدي والتحضر فيحتاج إلى الوقوع على المعنى اللائق بمدح كل فمدح الملوك يكون بما يلائم قدرهم من رفعة القدر وعلو الرتبة والانفراد عن المثل والقرين كقول النابغة في النعمان بن المنذر‏:‏ ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملكٍ دونها يتذبذب بأنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهم كوكب وما يجري مجرى ذلك ومدح الوزير الكاتب بما يليق بالعقل والدربة وحسن التنفيذ والسياسة فإن أضيف إلى ذلك الوصف بالسرعة في إصابة الحرم والاستغناء بحضور الذهن عن الإبطاء لطلب الإصابة كان أحسن وأكمل للمدح كما قيل‏:‏ بديهته مثل تفكيره متى رمته فهو مستجمع وكما قيل‏:‏ يرى ساكن الأوصال باسط وجهه يريك الهويني والأمور تطير ويمدح القائد يعني المير الذي يقود الجيش بما يجانس البأس والنجدة ويدخل في باب البطش والبسالة فإن أضيف إلى ذلك المدح بالجود والسماحة والحذق والبذل والعطية كان أحسن وأتم من حيث إن السخاء أخو الشجاعة وهما في أكثر الأمور موجودان في ذوي بعد الهمة والإقدام والصولة كما قال بعضهم جامعاً بين البأس والجود‏:‏ فتى دهره شطران مما ينوبه ففي بأسه شطر وفي جوده شطر فلا من بغاة الخير في عينه قذى ولا من زئير الحرب في أذنه وقر قال‏:‏ وتمدح السوقة والمتعيشون بأصناف الحرف وضروب المكاسب والصعاليك بما يضاهي الفضائل النفسانية من العقل والعفة والعدل والشجاعة خالياً عن مثل الملوك ومن تقدم ذكره من الوزراء والكتاب والقواد‏.‏

ويمدح ذوو الشجاعة منهم بالإقدام الفتك والتشمير والتيقظ والصبر مع التحذق والسماحة وقلة الاكتراث بالخطوب الملمة ونحو ذلك‏.‏

قلت‏:‏ ويؤخذ مما ذكره قدامة أن القضاة والعلماء يوصفون بما يليق بمحلهم من ذلك فيوصف العالم بثقابة الذهن وحدة الفهم وسعة الباع في الفضل وما يجري مجرى ذلك ويوصف القضاة بذلك وبالعدل والعفة ومباينة الجور ونحو ذلك وستقف في قسم الولايات في نسخ البيعات والعهود والتقاليد والتواقيع والتفاويض والمراسيم ونحوها من ذلك بما يتضح لك به سواء السبيل‏.‏

وأعلم أن الكاتب كما يحتاج إلى معرفة الصفات المحمودة من النوع الإنساني كذلك يحتاج إلى معرفة الصفات المذمومة منه فربما احتاج إلى الكتابة بذم شئ من ذلك فيكون عنده من العلم بالصفات المذمومة ما يتفق معه كما حكي أن بعض العمال بعث إلى الرشيد بعبد أسود فقلب كتابه ووقع عليه‏:‏ أما بعد فإنك لو وجدت عدداً أقل من الواحد أو لوناً شراً من السواد لبعث به إلينا والسلام‏.‏

ولا يخفى أن كل ما خالف صفة من الصفات المستحسنة المتقدمة فهو مستقبح مع ما هو معلوم من الصفات المذمومة الجسمية كالحدب والحول و نحوهما ومن الصفات المعنوية كسوء الخلق وبذاءة اللسان ونحو ذلك‏.‏

وفي هذا مقنع في الإرشاد إلى المراد والتنبيه على القصد‏.‏

النوع الثاني مما يحتاج إلى وصفه من دواب الركوب وهي أربعة أصناف الصنف الأول الخيل ويحتاج إلى المعرفة بوصفها في مواضع من أهمها وصفها عند بعث شئ منها في الإنعام والهدايا والجواب عن ذلك ووصفها في ترتيب الجيوش والمواكب وذكرها في مجالات الحرب وما يجري مجرى ذلك ويشتمل الغرض منه على معرفة أصنافها وألوانها وشياتها وما يستحسن ويستقبح من صفاتها ومعرفة الدوائر التي تكون فيها والبصر بأمور أسنانها وأعمارها‏.‏

أما أصنافها فثلاثة الأول‏:‏ العراب وهي أفضلها وأعلاها قيمة وأغلاها ثمناً تطلب للسبق وللحاق والملوك تتغالى في أثمانها وتعدها لمهم الحرب وتوجد ببلاد العرب ومحلاتهم في أقطار الأرض كالحجاز ونجد واليمن والعراق والشام ومصر وبرقة وبلاد المغرب وغيرها‏.‏

الثاني‏:‏ العجميات وهي البراذين ويقال لها‏:‏ الهماليج وتعرف الآن بالآكاديش تجلب من بلاد الترك ومن بلاد الروم وغالب ما توجد مشقوقة المناخر وتطلب للصبر على السير وسرعة المشي‏.‏

الثالث‏:‏ المولد بين العراب والبراذين فإن كان الأب عجمياً والأم عربية قيل له‏:‏ هجين وإن كان بالعكس قيل له‏:‏ مقرف وهي تكون في الجري والمشي متوسط بين النوعين‏.‏

وأما ألوانها فقد ذكر ابن أبي إصبع‏:‏ أن أصول الألوان فيها ترجع إلى أربعة ألوان وما سواها مفرع عنها‏:‏ الأول‏:‏ البياض وقل أن يخلص من لون يخالطه فإن صفا بياضه قيل فيه‏:‏ أشهب قرطاسي فإن كان أذناه وقوائمه وعرفه وذيله سوداً قيل‏:‏ مطرف فإن خالط البياض شعر أسود والأغلب فيه البياض قيل‏:‏ أشهب كافوري وإن كان السواد فيه أغلب قيل‏:‏ أشهب حديدي وأشهب أشمط وأشهب مخلس فإن كان فيه نكت سود قيل‏:‏ أشهب مفلس فإن اتسعت قليلاً قيل‏:‏ أشهب مدنر فإن كان في شهبته طرائق قيل‏:‏ أشهب مجزع فإن كان فيه بقع من أي لون كان دون البياض قيل‏:‏ مبقع فإن صغرت تلك البقع قيل‏:‏ أبقع فإن تفرقت واختلفت مقاديرها قيل‏:‏ أشيم فإن تعادل ذلك اللون مع البياض مع صغر النقط من اللونين قيل‏:‏ أنمش فإن تعادل ذلك اللون مع البياض مع صغر النقط من اللونين قيل‏:‏ أنمش فإن تناهت في الصغر قيل‏:‏ أبرش فإن كان البياض نكتاً صغيرة في ذلك اللون قيل‏:‏ مفوف فإن كان شئ من ذلك كله في عضو واحد قيد به مثل قولك‏:‏ مفوف القطاة وأنمش الصدر وما أشبه ذلك‏.‏

الثاني‏:‏ السواد فإذا كان الفرس شديد السواد قيل فيه‏:‏ أدهم فإن اشتد سواده قيل‏:‏ أدهم غيهبي فإن علا السواد خضرة قيل‏:‏ أحوى والجمع حو فإن خالط سواده شقرة قيل‏:‏ أدبس فإن انضم إليه أدنى حمرةٍ أو صفرةٍ قيل‏:‏ أحم فإن ضرب سواده إلى يسير بياض قيل‏:‏ أورق ونحوه الأكهب وفي دونه من السواد يقال‏:‏ أربد‏.‏

الثالث‏:‏ الحمرة إذا كان الفرس خالص الحمرة وعرفه وذيله أسودان قيل فيه‏:‏ أورد والجمع وراد والأنثى وردة فإن خالط حمرته سواد فهو كميت الذكر والأنثى فيه سواء فإن صفت حمرته شيئاً قليلاً قيل‏:‏ كميت مدمى فإن كان صافياً قليل الحمرة وعرفه وذيله أشقران قيل‏:‏ أشقر فإن كان أحمر وذيله وعرفه كذلك قيل‏:‏ أمغر فإن خالط شقرة الأشقر أو اكميت شعرة بيضاء قيل‏:‏ صنابي أخذاً من الصناب وهو الخردل بالزبيب فإن كانت حمرته كصدأ الحديد قيل‏:‏ أصدأ فإن زاد فيه السواد شيئاً يسيراً قيل‏:‏ أجأى والاسم‏:‏ الجؤوة‏.‏

الرابع‏:‏ الصفرة فإن كانت صفرته خالصة تشبه لون الذهب وعرفه وذيله أصهبان مائلان إلى البياض قيل‏:‏ أصفر خالص فإن كانا أبيضين قيل‏:‏ أصفر فاضح فإن كانا أسودين قيل‏:‏ أصفر مطرف وهو الذي يسمونه في زماننا الحبشي فإن كان أصفر ممتزجاً ببياض قيل‏:‏ أشهب سوسني فإن كان في أكارعه خطوط سود قيل‏:‏ موشي‏.‏

وأما شياتها وهي البياض المخالف للونها فمنها‏:‏ الغرة وهي البياض الذي يكون في وجه الفرس إذا كان قدره فوق الدرهم فإن كان دون الدرهم قيل في الفرس أقرح والعامة تقول فيه‏:‏ أغر شعرات فإن جاوز البياض قدر الدرهم قيل فيه‏:‏ أعرم ثم أول رتبة الغرة يقال له‏:‏ النجم فإن سالت الغرة ورقت ولم تجاوز جبهته قيل فيه‏:‏ أغر عصفوري فإن تمادت حتى جللت خيشومه ولم تبلغ جحفلته قيل‏:‏ أغر شمراخي فإن ملأت جبهته ولم تبلغ العينين قيل‏:‏ أشدخ فإن أصابت جميع وجهه إلا أنه ينظر في سوادٍ قيل‏:‏ مبرقع فإن فشت حتى جاوزت عينيه وابيضت منها أشفاره قيل‏:‏ مغرب فإن أصابت منه خداً دون خد قيل‏:‏ لطيم أيمن أو أيسر فإن كان بشفته العليا بياض قيل‏:‏ أرثم وإن كان بالسفلى بياض قيل‏:‏ ألمظ فإن نالهما جميعاً قيل‏:‏ أرثم المظ‏.‏

ومنها‏:‏ التحجيل في الرجلين وما في معنى ذلك إن كان البياض في مؤخر الرسغ لم يستدر عليه قيل في الفرس‏:‏ منعل وإن كان في الأربع قيل‏:‏ منعل الأربع أو في بعضها أضيف إليه فقيل‏:‏ منعل اليدين أو الرجلين أو اليد أو الرجل اليمنى أو اليسرى فإن استدار على الرسغ وهو المفصل الذي يكتنفه الوظيف والحافر وكان في إحدى الرجلين قيل‏:‏ أرجل وإن كان في الرجلين جميعاً قيل‏:‏ مخدم وأخدم فإن جاوز رسغ الرجل واتصل بالوظيف وهو ما بين الكعب وبين أسفله ولم يجاوز ثلثيه قيل‏:‏ محجل أخذاً من الحجل وهو الخلخال فإن كان في رجل واحدة قيل‏:‏ محجل الرجل اليمنى أو الرجل اليسرى فإن كان في الرجلين جميعاً قيل‏:‏ محجل الرجلين فإن كان معه في إحدى اليدين بياض يجاوز الرسغ إلى دون ثلثي الوظيف قيل‏:‏ محجل الثلاث مطلق اليد اليمنى أو اليسرى فإن كان البياض في اليد الأخرى كذلك قيل‏:‏ محجل الأربع فإن كان البياض في اليدين فقط قيل‏:‏ أعصم سواء جاوز الرسغ أم لا ولا يطلق التحجيل البياض في اليدين فقط قيل‏:‏ أعصم سواء جاوز الرسغ أم لا ولا يطلق التحجيل على اليدين أو إحداهما إلا بانضمام إلى تحجيل الرجلين أو إحداهما فإن كان في اليد الواحدة قيل‏:‏ أعصم اليد اليمنى أو اليسرى وإن كان فيهما قيل‏:‏ أعصم اليدين وإن كان التحجيل في يد ورجل من جانب واحد قيل ممسك وإن كان ذلك من الجانب الأيمن قيل‏:‏ ممسك الأيامن مطلق الأياسر وإن كان بالعكس قيل‏:‏ ممسك الأياسر مطلق الأيامن وإن كاالتحجيل في يد ورجل من جانب واحد قيل‏:‏ ممسك وإن كان ذلك من الجانب الأيمن قيل‏:‏ ممسك الأيامن مطلق الأياسر وإن كان بالعكس قيل ممسك الأياسر مطلق الأيامن وإن كان التحجيل في يد ورجل من خلاف فهو الشكال وقيل‏:‏ الشكال بياض القائمتين من جانب وقيل‏:‏ بياض ثلاث قوائم فإن تعدى البياض حتى جاوز عرقوبي الرجلين أو ركبتي اليدين قيل فيه‏:‏ مجبب فإن علا البياض حقوي رجليه ومرفقي يديه قيل‏:‏ أبلق فإن زاد على ذلك حتى بلغ الأفخاذ والأعضاد قيل‏:‏ أقفز ومقفز فإن كان البياض في الوظيف غير متصل بالرسغ ولا بالعرقوب ولا بالركبة قيل‏:‏ موقف‏.‏

ومنها‏:‏ الشيات التي تتخلل سائر جسدها فإن كان الفرس مبيض الأذنين أو في أذنيه نقش بياض دون سائر لونه قيل فيه‏:‏ أذرأ وإن كان مبيض الرأس قيل‏:‏ أصقع فإ ابيض قفاه قيل‏:‏ أقنف فإن شابت ناصيته قيل‏:‏ أسعف فإن ابيضت جميعها قيل‏:‏ أصبغ الناصية فإن غشى البياض جميع رأسه قيل‏:‏ أعشى وربما قيل فيه‏:‏ أرخم فإن ابيض رأسه وعنقه جميعاً قيل‏:‏ أدرع فإن أبيض ظهره قيل‏:‏ أرحل فإن كان ذلك البياض من أثر الدبر قيل‏:‏ مصرد فإن ابيض بطنه قيل‏:‏ أنبط فإن ابيض جنباه قيل‏:‏ أخصف فإن كان البياض بأحد جنبيه قيل‏:‏ أخصف الجنب الأيمن أو الأيسر فإن ابيض كفله قيل‏:‏ آزر فإن ابيض عرض ذنبه من أعلاه قيل‏:‏ أشعل فإن ابيض بعض هلبه دون بعض قيل‏:‏ مخصل فإن ابيض جميع هلبه قيل‏:‏ أصبغ هلب الذنب فإن عدا عرقوبه البياض جملة قيل‏:‏ بهيم ومصمت من أي لون كان‏.‏

وأما ما يستحسن من أوصافها فقد قال العلماء بأمر الخيل‏:‏ يستحب في الفرس‏:‏ دقة الأذنين وطولهما وانتصابهما ودقة أطرافهما وقرب ما بينهما وكل ذلك من علامات العتق وفي الناصية‏:‏ اعتدال شعرها في الطول بحيث لا تكون خفيفة الشعر ولا مفرطة في كثرته ويقال في هذه‏:‏ الناصية من الزغب ويستحب‏:‏ عظم الرأس وطوله وسعة الجبهة وأسالة الخد وملاسته ودقته و قلة لحم الوجه وعري الناهضين وهما عظمان في الخد وسعة العين وصفاء الحدقة وذلك كله من علامات العتق‏.‏

ويستحب في العين‏:‏ السمو الحدة ورقة الجفون وبعد نظره‏.‏

قال ابن قتيبة‏:‏ وهم يصفونها بالقبل والشوس والخوص وليس ذلك فيها عيباً ولا هو خلقة وإنما تفعله نعزة أنفسها‏.‏

ويستحب في المنخر‏:‏ السعة لأنه إذا ضاق شق عليه النفس قال‏:‏ وربما شق منخره لذلك وبعد ما بين المنخرين‏.‏

ويستحب في الفم‏:‏ الهرت وهو طول شدقيه من الجانبين لأنه أوسع الخروج نفسه ورقة الجحفلتين وهما الشفتان لأنه دليل العتق وطول اللسان ليكثر ريقه فلا ينبهر ورقته لأنه أسرع لقضمه العلف وصفاء الصهيل لأنه دليل صحة رئته وسهولة نفسه‏.‏

ويستحب في العنق‏:‏ الطول فقد كان سلمان ابن ربيعة يفرق بين العتاق والهجن فدعا بطست من ماء فوضعت بالأرض ثم قدمت الخيل إليها واحداً واحداً فما ثنى سنبكه منها ثم شرب هجنه وما شرب ولم يثن سنبكه جعله عتيقاً لأن في أعناق الهجن قصراً فلا تنال الماء حتى تثني سنابكها وقد روي أنه هجن فرس عمرو بن معدي كرب فاستعدى عليه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال سلمان‏:‏ ادع بإناء فيه ماء‏!‏ ثم أتي بفرس عتيق لا شك في عتقه فأشرع في الإناء فصف بين سنبكيه ومد عنقه فشرب ثم قال‏:‏ ائتوني بهجين لا شك فيه‏!‏ فأشرع فبرك فشرب ثم أتي بفرس عمرو بن معدي كرب فأشرع فصف بين سنبكيه ومد عنقه ثم ثنى أحد سنبكيه قليلاً فشرب فقال عمر‏:‏ أنت سلمان الخيل‏.‏

ويستحب فيها مع ذلك الكبر لأنه أقرب لانقياده وعطفه وغلظ مركب عنقه ودقة مذبحة‏.‏

ويستحب فيه‏:‏ ارتفاع الكتفين والحارك والكاهل وقصر الظهر وعرض الصهوة وهي مقعد الفارس في الظهر وارتفاع القطاة وهي مقعد الردف من الظهر أيضاً وقلة لحم المتنين وهما ما تحت دفتي السرج من الظهر‏.‏

ويستحب في الكفل‏:‏ الاستواء والاستدارة والملاسة والتدوير‏.‏

ويستحب‏:‏ طول السبيب وهو الشعر المسترسل في ذيله وقصر العسيب وهو عظم الذنب وجلده ولذلك قال بعض الأعراب‏:‏ اختره طويل الذنب قصير الذنب يعني طويل الشعر قصير العسيب‏.‏

قال انب قتيبة‏:‏ ويستحب أن يرفع ذنبه عند العدو ويقال‏:‏ إن ذلك من شدة الصلب ويستحب عرض الصدر وهو ما عرض حيث ملتقى أعلى لببه ويسمى‏:‏ اللبان والكلكل وكذلك ارتفاعه عن الأرض مع دقة الزور وهو ما استدق من صدره بين يديه بحيث يقرب ما بين المرفقين لأنه أشد له وأقوى لجريه‏.‏

ويستحب فيه‏:‏ عرض الكتف وغلظه وقصر النسا وهو عرق في الساق مستبطن الفخذ وشنجه وقصر وظيف اليد وهو قصب يديه وقصر الرسغ ودقة إبرة العرقوب وتحديده لأنه أشد لقصب الساق وطول وظيف الرجل ليخذف الأرض بها فيكون أشد لعدوه و غلظ عظم القوائم وغلظ الحبال وهي عصب الذراعين ولطف الركبة وقرب ما بين الركبتين وشدة كعبه لأن ضعف الكعب داعية الجرد وانحناء الرجلين وتوترهما وبعد ما بين الرجلين وهو الفحج لأنه أشد لتمكن رجليه من الأرض‏.‏

ويستحب‏:‏ صفاء الحافر وصلابته وسعته وكونه أزرق أو أخضر غير مشوب ببياض لأن البياض دليل الضعف فيه وأن يكون مع ذلك فيه تقعب ولطف نسوره وهي شئ في باطن حافره كالنوى لأنه إذا ضاق موضعها كان أصلب لحافره وأن تكون أطراف سنابكه وهي مقادم حوافره رقيقة‏.‏

ويستحب فيه مع ذلك كله‏:‏ اتساع إهابه وهو جلده ورقة أديمه وصفاء لونه ولين شعره وكثرة عرفه وكثرة نومه وسعة خطوه وخفة عنانه ولين ظهره وحسن استقلاله في أول سيره وخفة وقع قوائمه على الأرض إذا مشى وشدة وقعها إذا عدا مع حدة نفسه وسرعة عدوه واتساع طرقته وقد يغتفر القطاف في المشي في دواب الجري‏.‏

ثم إنه قد يحتمل فوات آلة الحسن والفراهة في المشي ولا يغتفر النقص في آلة الجودة وشدة العدو والصبر لأن بهما يدرك ما يطلب وينجو مما يهرب‏.‏

وأما ما يستقبح ويذم من أوصافها فقد ذكروا للفرس عدة عيوب بعضها خلقية وبعضها حادثة‏.‏

فمن العيوب الخلقية‏:‏ البدد وهو بعد ما بين اليدين والصمم وهو ألا يسمع وعلامته أن يراه يصر أذنيه أبداً الى خلف وإذا جر خلفه خشبة ونحوها لا يشعر ولم ينفر عنها والخداء وهو أن يكون أذناه مسترخيتين منكوستين نحو العينين أو الخدين كآذان الكلاب السلوقية والطول وهو أن تطول إحدى أذنيه وتقصر الأخرى وكونه أسك وهو أن يكون صغير الأذن‏.‏

ومنها‏:‏ السفا وهو قلة شعر الناصية والغمم وهو أن يكثر شعر الناصية ويطول حتى يغطي العين وهو عيب خفيف والسقا وهو خفة الناصية‏.‏

ومنها‏:‏ القرح وهو أن يكون البياض الذي في الوجه دون قدر الدرهم كما تقدم إلا أن يكون معه بياض آخر من تحجيل ونحوه فلا يكره حينئذ فإن كان في وسط البياض في الوجه سواد كان عيباً يتشاءم به‏.‏

ومنها‏:‏ العشا وهو ألا يبصر ليلاً فيصير بمثابة نصف فرس لأنه لا ينتفع به في الليل دون النهار وكونه قائم العين وهو الذي يكون على ناظره سواد يضرب للخضرة والكدرة يقل معها بصره والحول وهو أن يكون بإحدى عينيه بياض خارج سواد الحدقة من فوق ويكون خلاف العين الأخرى وهو مع ذلك مما يتبرك به بعض الناس ويقول‏:‏ إذا كان ذلك في العينين كان أعظم لبركته والخيف وهو أن تكون إحدى عينيه زرقاء وهو مما يتشاءم به لا سيما إذا كانت الزرقة في العين اليسرى فإن ازرقت العينان جميعاً كان أقل لشؤمه وعور العينين وهو دخولهما في وجهه والغرب وهو بياض أشفار العينين يكون عنه ضعف بصره في القمر والحر الشديد والكمنة وهو أن يبصر قدامه ولا يبصر عن يمينه ولا شماله‏.‏

ومنها‏:‏ القنا وهو احديداب في الأنف ويكون في الهجن والخنس وهو أن يرى فوق منخريه منخسفاً لأنه يضيق نفسه إذا ركض‏.‏

ومنها‏:‏ الفطس وهو أن تكون أسنانه العليا داخلة عن أسنانه السفلى والطبطبة وهو أن تسترخي جحفلته السفلى فإذا سار حركها وطبطبها كالبعير الأهدل وأن يكون في حنكه شامة سوداء وسائر فمه أبيض‏.‏

ومنها‏:‏ قصر اللسان لأنه إذا قصر لسانه قل ريقه فيسرع إليه العطش والخرس وعلامته أن تراه يصهل ولا يحمحم وهو عيب لطيف‏.‏

ومنها‏:‏ القصر وهو غلظ في العنق واللفف وهو استدارة فيه مع قصر والدنن وهو طمأنينة في أصل العنق والهنع وهو طمأنينة في وسط العنق والقود وهو يبس في العنق بحيث لا يقدر الفرس أن يدير عنقه يميناً ولا شمالاً ولا يرفع رأسه إذا مشى وهو عيب شديد والجسأ وهو يبس المعطف‏.‏

ومنها‏:‏ الكتف وهو انفراج يكون في أعالي كتفي الفرس مما يلي الكاهل والقعس وهو أن يطمئن الصلب من الظهر وترتفع القطاة والبزخ وهو أن يطمئن الصلب والقطاة جميعاً وهو عيب رديء يضر بالعمل وكون الكفل فيه تحديد ويكون العجز صغيراً والفرق وهو نقصان إحدى حرقفتي الوركين فإن نقصتا جميعاً فهو ممسوح الكفل ولا عيب فيه‏.‏

ومنها‏:‏ الدنن وهو تطامن الصدر ودنوه من الأرض وهو من أسوأ العيوب والزور وهو دخول إحدى فهدتي الصدر وخروج الأخرى‏.‏

ومنهاك الهضم وهو استقامة الضلوع ودخول أعاليها والإخطاف وهو لحوق ما خلف المحزم من بطنه والثجل وهو خروج الخاصرة ورقة الصفاق‏.‏

ومنها‏:‏ العصل وهو التواء عسيب الذنب حتى يبرز بعض باطنه الذي لا شعر عليه والكشف وهو أكثر من ذلك والصبغ وهو بياض الذنب والشعل وهو أن يبيض عرض الذنب وهو وسطه‏.‏

ومنها‏:‏ الفحج وهو إفراط بعد ما بين الكعبين الحلل وهو رخاوة الكعبين ويلتحق به تقويس اليدين وهو عيب فاحش والطرق وهو أن ترى ركبتيه مفسوختين كالمقوستين الى داخل وهو عيب فاحش والقسط وهو أن ترى رجلاه منتصبتين غير محنبتين والبدد وهو بعد ما بين اليدين والفحج وهو إفراط بعد ما بين العرقوبين والقفد وهو إنتصاب الرسغ وإقباله على الحافر ولا يكون إلا في الرجل والصدف وهو تداني الفخذين والتوجيه وهو نحو منه إلا أنه أقل من ذلك والفدع وهو التواء الرسغ من عرضه الوحشي من الجانبين من رأس الشظي ووطؤه على وحشي حافريه جميعاً وهو الجانب الخارج والارتهاش وهو أن يصك بعرض حافره عرض عجايته من اليد الأخرى وذلك لضعف يده والحنف وهو أن يكون حافرا يديه مكبوبين الى داخل والنقد وهو أن يرى الحافر كالمتقشر والشرج وهو أن يكون ذو الحافر له بيضة واحدة والاح وهو أن يمس الأرض بباطن حافره‏.‏

ومنها‏:‏ البدد في اليدين وهو أن يكون إذا مشى يدير حافره الى خارج عند النقل وليس فيه ضرر في العمل والتلقف وهو أن يخبط بيديه مستوى لا يرفعهما الى بطنه وهو خلاف البدد‏.‏

ومنها‏:‏ التلويح وهو أن يكون الفرس إذا ضربته حرك ذنبه وهو عيب فاحش في الحجورة لأنه ربما بالت الحجر ورشت به صاحبتها‏.‏

الضرب الثاني العيوب الحادثة وهي عدة عيوب منها‏:‏ الحدب ويكون في الظهر بمثابة حدبة الإنسان وهو عيب فاحش والغدة وتكون في الظهر أيضاً بإزاء السرة‏.‏

ومنها‏:‏ العنق وهو انتفاخ وورم بقدر الرمانة أو أقل مما يلي الخاصرة وهو عيب فاحش لا علاج فيه‏.‏

ومنها‏:‏ الحمر وهو عيب يحدث عن تخمة الشعير وربما كان من شرب الماء على التعب فيحدث عنه ثقل الصدر‏.‏

ومنها‏:‏ الانتشار وهو انتفاخ العصب بواسطة التعب ويكون من فوق الرسغ الى آخر الركبة وهو عيب فاحش‏.‏

ومنها‏:‏ تحرك الشظاة وهو عظم لاصق بالذراع وهو على الفرس أشق من الانتشار‏.‏

ومنها‏:‏ الروح وهو داء يكون منه غلظ في القوائم كمثل داء الفيل في البشر‏.‏

ومنها‏:‏ المشش وهو داء يكون في بدء أمره ماءً أصفر ثم يصير دماً ثم يصير عظماً ويكون على الوظيف وفي مفصل الركبة وهو على العصب والركبة شر منه على الوظيف‏.‏

ومنها‏:‏ القمع ويكون في الرجلين في طرف العرقوبين وهو غلظ يعتريهما والملح ويكون في الرجلين تحت القمع من خلف وهو انتفاخ مستطيل لا يضر بالعمل والجوز وهو كالعظم الناتئ في الرجلين تحت العرقوبين على المفصل من داخل ومن خارج وهو عيب فاحش تؤول منه الدابة الى العطب والنفخ وهو انتفاخ يكون في مواضع الجرذ وهو من دواعي الجرذ والعقال وهو أن تقلص رجله وذلك يكون في عصب الرجل الواحدة دون الأخرى وربما كان في الرجلين جميعاً وهو عيب فاحش يضر بالعمل وهو في البرد أشد منه في الحر‏.‏

ومنها‏:‏ الشقاق وهو داء يصيبه في أرساغه وربما ارتفع الى وظيفه والسرطان وهو داء يأخذ في الرسغ فييبس عروقه حتى ينقلب حافره‏.‏

ومنها‏:‏ العرن وهو جسوء في رسغ رجله والدخس وهو ورم يكون في حافرهِ والقفد وهو تشنج عصب رسغه حتى ينقلب حافره الى داخل فيمشي على ظاهر الحافر‏.‏

ومنهاك النملة وهي شق في الحافر من ظاهره والرهسة وهي ما يكون في الحافر من صدمة ونحوها - والعامة تقولها بالصاد - والقشر وهو أن تتقشر حوافره وهو عيب فاحش والناسور - وهو الذي تسميه العامة الوقرة - وهو داء يحدث في نسور الدابة فإذا قطع سال الدم منه‏.‏

ومنها‏:‏ الأدرة وهي عظم الخصيتين وربما عظمت خصيتاه في الصيف واحمرت في الشتاء والمدلي وهو الذي يدلي ذكره ثم لا يرده وهو عيب قبيح بحيث يقبح ركوب الفرس الذي به هذا العيب‏.‏

ومنها‏:‏ البرص وهو بياض يعتري الفرس في حركاته كالجحفلة وجفون العينين وبين الفخذين والخصيتين‏.‏

ومنها‏:‏ الحلد وهو داء شديد ينقب موضعه من بدن الدابة يسيل منه ماء أصفر فإذا كوي بالنار برأ وانفتح موضع آخر فلا يزال كذلك حتى تعطب الدابة وهو عيب فاحش في عيوب أخرى يطول ذكرها‏.‏

وفي كتب البيطرة ذكر الكثير من ذلك مع علاج ماله علاج منه وبيان مالا علاج له‏.‏

وأما الدوائر التي تكون في الخيل فقد عدها العرب ثماني عشرة دائرةً بعضها مستحب وبعضها مكروه‏.‏

الأولى‏:‏ دائرة المحيا - وهو الوجه - وهي اللاحقة بأسف الناصية‏.‏

الثانية‏:‏ دائرة اللطاة وهي دائرة تكون في وسط الجبهة‏.‏

الثالثة‏:‏ دائرة النطيح وهي دائرة ثانية في الجبهة بأن يكون في الجبهة دائرتان‏.‏

الرابعة‏:‏ دائرة اللهزمة وهي دائرة تكون في لهزمة الفرس‏.‏

الخامسة‏:‏ دائرة المقود وهي التي تكون في موضع القلادة‏.‏

السادسة‏:‏ دائرة السمامة وهي دائرة تكون في وسط العنق‏.‏

السابعة والثامنة‏:‏ دائرتان في نحر الفرس فيما قاله الأصمعي‏.‏

وقال أبو عبيد‏:‏ البنيقة الشعر المختلف في منتهى الخاصرة والشاكلة‏.‏

التاسعة‏:‏ دائر الناحر وهي دائرة في باطن الحلق الى أسفل من ذلك‏.‏

العاشرة‏:‏ دائرة تكون في عرض الزور‏.‏

الثانية عشرة‏:‏ دائرة النافذة وهي دائرة ثانية تكون في الزور بأن تكون فيه بدائرتان في الشقين في كل شق منهما دائرة وتسمى النافذ دائرة الحزام أيضاً‏.‏

الثالثة عشرة والرابعة عشرة‏:‏ دائرتا الخرب وهما اللتان يكونان تحت الصقرين وهما رأسا الحجبتين اللتين هما العظمان الناتئان المشرفان على الخاصرتين كأنهما صقران‏.‏

الخامسة عشرة والسادسة عشرة‏:‏ دائرتا الصقرين وهما دائرتان بين الحجبتين والقصريين‏.‏

السابعة عشرة والثامنة عشرة‏:‏ دائرتان الناخس وهما دائرتان تكونان تحت الجاعرتين‏.‏

قال ابن قتيبة‏:‏ وهم يكرهون منها أربع دوائر وهي دائرة الهقعة مع ذكره أن أبقي الخيل‏:‏ المهقوع‏.‏

ودائرة القالع ودائرة الناخس ودائرة النطيح‏.‏

قال‏:‏ وما سوى ذلك من الدوائر فليس بمكروه‏.‏

وذكر صاحب زهر الآداب في اللغة‏:‏ أنهم يستحبون من الدوائر دائرة المقود ودائرة السمامة ودائرة الهقعة احتجاجاً بأن أبقى الخيل المهقوع ويكرهون دائرة النطيح ودائرة اللهزمة ودائرة القالع‏.‏

ورأيت في بعض كتب البيطرة أن المستحب منها ثلاث دوائر‏:‏ دائرة المقود ودائرة السمامة ودائرة الهقعة وما عدا ذلك فهو مكروه‏.‏

وكره حكماء الهند دوائر أخرى ذكروها وهي أن يكون في مقدم يده دائرة أو في أصل ذنبه من الجانبين دائرتان أو على ناصيته دائرة أو على محجره دائرة أو في جحفلته السفلى دائرة أو وأما أسنان الخيل‏:‏ فأول ما تضع الحجرة جنينها قيل‏:‏ مهر والأنثى مهرة فإذا فصل عن أمه قيل‏:‏ فلو فإذا استكمل حولاً قيل‏:‏ حولي والأنثى حولية فإذا دخل في الثانية قيل‏:‏ جذع والأنثى جذعة فإذا دخل في الثالثة قيل‏:‏ ثني والأنثى ثنية فإذا دخل في الرابعة قيل‏:‏ رباع والأنثى رباعية فإذا دخل في الخامسة قيل‏:‏ قارح للذكر والأنثى‏.‏

وفي الغالب يلقي أسنانه في السنة الثالثة وربما تأخر إلقائها الى السنة الرابعة وذلك إذا كان أبواه شابين وقد يلقي أسنانه في حول واحد وذلك إذا كان أبواه هرمين‏.‏

ثم لكل مهر اثنتا عشرة سناً‏:‏ ست من فوق وست من أسفل ويليها من كل جانب ناب ويليها الأضراس وتنبت ثناياه بعد وضعه بخمسة أيام وتنبت رباعياته بعد ذلك الى مدة شهرين وتنبت قوارحه بعد ذلك الى ثمانية أشهر ويختص التبديل منها بالأسنان الأثنتي عشرة دون الأنياب والأضراس‏.‏

وربما ألقي بالمهر بعض أسنانه ثم لاتنبت وإذا قرح المهر اصفرت أسنانهن وأسودت رؤوسها وطالت فيبقى كذلك خمس سنين فإذا جاوزت ذلك ابيضت وحفي رؤوسها ثم تنتقل فتصير كلون العسل خمس سنين ثم تبيض فتصير كلون الغبار ويزداد طولها وربما دلس النخاسون فنشروا أسنانها وسووها‏.‏

ومما وجد في الكتب القديمة‏:‏ أن الفرس تتحرك ثناياه في سبع وعشرين سنة وتتحرك الرباعيات في ثمان وعشرين سنة وتتحرك القوارح في تسع وعشرين سنة ثم تسقط الثنايا في ثلاثين سنة والرباعيات في إحدى وثلاثين سنة والقوارح في اثنتين وثلاثين سنة هو عمر الدابة‏.‏

وأما التفرس في الخيل‏:‏ فاعلم أن المهر وإن المهر وإن ظهرت فيه علامات النجابة أو العكس لا عبرة بذلك فإنه قد يتغير فيقبح منه ما كان حسناً ويحسن منه ما كان قبيحاً وإنما يتفرس فيه إذا ركبه لحم العلف وذهب عنه لحم الرضاع‏.‏

وأفضل الفراسة في المهر‏:‏ أخذه في الجري فإنه صنعته التي خلق عليها وإليها يؤول فإذا أحسن الأخذ في الجري فهو جواد ولكنه ربما تغير أخذه للجري إذا ركب لضعف فيه بحينئذ وقصور عن بلوغ مدى قوته وقد لا يجري جذعاً ويجري ثنياً وقد لا يجري ثنياً ويجري رباعياً وقد لا يجري رباعياً ويجري قارحاً حين تجتمع له قوته‏.‏

ويعرف ضعف الضعيف منها بتلوية تحت فارسه وعجزه عنه وفترته إذا نزل عنه‏.‏

ومما يدل على جودة الفرس وحسن جريه‏:‏ أنه يراه إذا أخذ في الجري سما بهادية وأثبت رأسه ولم يستعن بهما في حضره واجتمعت قوائمه وسبح بيديه وضرح برجليه ولها في حضره وامتد وبسط ضبعيه حتى لا يجد مزيداً وتكون يداه في قرن ورجلاه في قرن فإذا كان الفرس كذلك فهو الجواد السابق‏.‏

وقد قيل‏:‏ إن خير الخيل الذي إذا مشى تكفأ وإذا عدا بسط يديه وإذا أدبر جفا وإذا أقبل أقعى‏.‏

الصنف الثاني البغال وفيها نوعية في الخيل والحمير ومن حيث أنها تتولد بين حصان وأتان أو بين حمار وحجرة‏.‏

وفيها النفيس المختار لركوب الرؤساء من العلماء والوزراء والحكام وسائر رؤساء المتعممين‏.‏

وإنه صلى الله عليه وسلم في يوم أحد كان راكباً بغلة ولولا شرفها ونفاستها وقيامها مقام الخيل لما ركبها النبي صلى الله عليه وسلم في موطن الحرب‏.‏

وألوانها وأسنانها على ما تقدم في الخيل‏.‏

ويستحسن فيها غالب ما يستحسن في الخيل وقد قيل‏:‏ إن خيار ما يقتني من البغال ما اشتدت قوائمه وعظمت قصرته وعنقه وهامته وصفت عيناه ورحب جوفه وعرض كفله وسلم من جميع العيوب والعلل‏.‏

ومما يستحسن في البغال دون الخيل‏:‏ السفا وهو خفة شعر الناصية وأن يكون بيديها ورجليها خطوط مختلفة جل ما تكون للسنور ويقال‏:‏ إن خير ما يختار للسرج والركوب البغال المصرية لأن أمهاتها عتاق وهجن وخيار ما يحتاج إليه للسرايا والمواكب والركض مع الخيل‏:‏ بغال الجزيرة وإفريقية‏.‏

ومما ينبغي التنبيه عليه‏:‏ أن في البغلات منها شدة محبة الدواب إذا ربطت معها وفساد للدواب إذا اعتادتها حتى يصير أحدهما لا يفارق الآخر إلا بمشقة‏.‏

ويحسن في البغال‏:‏ الخصي وفي البغلات‏:‏ التحويص‏.‏

ولا يعاب ركوب شيء منها حينئذ إذا كان نفيساً‏.‏

الصنف الثالث الإبل ويشتمل الغرض منها على معرفة أنواعها وألوانها وأسنانها وما يستقبح ويستحسن من صفاتها‏.‏

أما أنواعها فإنها ترجع الى نوعين‏:‏ الأول‏:‏ البخاتي وهي جمال جفاة القدود طويلة الوبر تجلب من بلاد الترك‏.‏

الثاني‏:‏ العراب وهي الإبل العربية وأصنافها لا يأخذها الحصر‏.‏

وأما ألوانها فترجع الى ثلاثة أصول‏:‏ الأول‏:‏ البياض فاجمل إذا كان خالص البياض قيل‏:‏ آدم والأنثى أدماء على الضد من بني آدم فإن خالط البياض يسير شقرة قيل‏:‏ أعيس والأنثى عيساء‏.‏

الثاني‏:‏ الحمرة فإن احمر وغلبت عليه الشقرة قيل‏:‏ أصهب والأنثى صهباء فإن خلصت حمرته قيل‏:‏ أحمر والأنثى حمراء فإن خالط حمرته قنوء قيل‏:‏ كميت فإن صفت حمرته قيل‏:‏ أحمر مدمى فإن خالط الحمرة خضرة قيل‏:‏ أحوى فإن خالطها صفرة قيل‏:‏ أحمر رادني بكسر الدال فإن خالطها سودا قيل‏:‏ أرمك والأنثى رمكاء فإن كانت حمرته كصدأ الحديد قيل‏:‏ أجأى‏.‏

الثالث‏:‏ السواد فإن كان السواد فيه بضعيفاً قيل‏:‏ أكلف فإن خالط السواد صفرة قيل‏:‏ أحوى فإن علق بسوداه بياض قيل‏:‏ أورق فإن زادت ورقته حتى أظلم بياضه قيل‏:‏ أدهم فإن اشتد سواده قيل‏:‏ جون فإن كان بين الغبرة والحمرة قيل‏:‏ خوار والأنثى خوارة‏.‏

وأما أسنانها فإنه يقال لولد الناقة عند الوضع قبل أن يعرف أذكر أم أنثى‏:‏ سليل فإن بان أنه ذكر قيل‏:‏ سقب وإن بان أنه أنثى قيل‏:‏ حائل ثم هو حوار حتى يفطم فإذا فطم وفصل عن أمه قيل‏:‏ فصيل وذلك في آخر السنة الأولى من وضعه فإذا دخل في الثانية قيل‏:‏ ابن مخاض لأن أمه فيها تكون من المخاض وهي الحوامل والأنثى بنت مخاض فإذا دخل في الثالثة قيل‏:‏ ابن لبون لأن أمه فيها تكون ذات لبن والأنثى حقة فإذا دخل في الرابعة قيل‏:‏ حق لأنه يستحق أن يحمل عليه والأنثى حقة فإذا دخل في الخامسة قيلك حذع والأنثى جذعة فإذا دخل في السادسة قيل‏:‏ ثني لأنه يلقي فيها ثنيته والأنثى ثنية فإذا دخل في السابعة قيل‏:‏ رباع بفتح الراء لأن فيها يلقي رباعيته والأنثى رباعية بالتخفيف فإذا دخل في الثامنة قيل‏:‏ رباع بفتح الراء لأن فيها يلقي رباعيته والأنثى رباعية بالتخفيف فإذا دخل في الثامنة قيل‏:‏ سديس وسديس الذكر والأنثى فيه سواء وربما قيل في الأنثى سديسة فإذا دخل التاسعة قيل‏:‏ بازل لأنه فيها يبزل نابه والذكر والأنثى فيه سواء وقد يقال فيه‏:‏ فاطر فإذا دخل في العاشرة قيل‏:‏ مخلف وليس وراء للإبل ضبط بل يقال مخلف عامٍ ومخلف عامين فأكثر فإذا علا السن بعد ذلك قيل فيه‏:‏ عود والأنثى عودة فإن علا عن ذلك قيل‏:‏ قحر فإن تكسرت أنيابه لطول هرمه قيل‏:‏ ثلب والأنثى ثلبة ويقال في الناقة إذا كان فيها بعض الشباب‏:‏ عزوم وربما قيل‏:‏ شارف‏.‏

وأما ما يستحسن من صفاتها فقد رأيت في بعض المصنفات أن كل ما يستحب في الفرس يستحب في البعير خلا عرض غاربه وفتل مرفقه ونكس جاعرته وهي أعلى الورك واندلاق بطنه وتفرش رجليه فإن ذلك يستحب في الإبل دون الخيل‏.‏

وقد صرح الشعراء في أشعارهم بعدة أوصاف مستحسنة في الناقة‏.‏

منها‏:‏ دقة الأذن وتحديد أطرافها وكبر الرأس واستطالة الوجه وعظم الوجنتين وقنو الأنف وطول العنق وغلظه ودقة المذبح وطول الظهر وعظم السنام وهي‏:‏ الكوماء وطلو ذنبها وكثرة شعره غليظة الأطراف قليلة لحم القوائم ليست رهلة ولا مسترطيةً وأن تكون مع ذلك كثيرة اللحم ملساء الجلد تامة الخلق قوية صلبة خفيفة سريعة السير‏.‏

وأما كرمها فإنه يقال لكل كريم خالص من الإبل‏:‏ هجان من نتاج مهرة‏:‏ وهي قبيلة من قضاعة باليمن والعيدية منسوبة الى بني العيد من قبيلة مهرة المذكورة والأرحبية منسوبة الى بني أرحب والغريري منسوبة الى غرير وهو فحل كريم مشهور في العرب والشذقمية منسوبة الى شذقم‏:‏ فحل كريم أيضاً والجديلية منسوبة الى جديل‏:‏ فحل كريم والداعرية منسوبة الى داعر‏:‏ فحل كريم كذلك‏.‏

قال في كفاية المتحفظ‏:‏ والشدنية منسوبة الى فحل أو بلد‏.‏

الصنف الرابع الحمير ومنها النفيس الغالي الثمن وخيرها حمر الديار المصرية وأحسنها ما أتي به من صعيدها وهي تنتهي في الأثمان الى ما يقارب أثمان أوساط الخيل وربما يميز العالي القدر منها على المنحط القدر من الخيل‏.‏

والأحسن فيها ما كان غليظ القوائم تام الخلق حديد النفس‏.‏

ولا عيب في ركوب الحمار ولا وهيصة فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب الحمار ولا عبرة بترفع من ترفع عن ركوبه بعد أن ركبه النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

ما يحتاج إلى وصفه من جليل الوحش وكريم صيوده وهو أصناف وهو ما يتخذه الملوك للزينة وما في معناها‏.‏

ويحتاج الكاتب إليه لوصفه في الهدايا والمواكب وما يجري مجراهما والمعول عليه من ذلك خمسة أضرب‏:‏ الأول الأسد ويجمع على أسد وأسد وأسود أساد ويقال له أيضاً‏:‏ الليث والضيغم والضرغام والهزبر والهيصم والهرماس والفرافصة وحيدرة والقسورة وله أسماء كثيرة سوى هذه لا تكاد تدخل تحت الحصر حتى قال ابن خالويه‏:‏ للأسد خمسمائة اسم‏.‏

ويقال لولده‏:‏ الشبل ولأنثاه‏:‏ اللبؤة‏.‏

قال ابن السندي في كتابه المصايدو المطارد‏:‏ وإذا تأملت أصناف الحيوان وبحثت صورها وما أعطيت من الأسلحة ومقادير الخلق وجدت الأسد أعظم خلقة وأكثر ابدة وأشد إقداماً من جميعها ليست له غريزة في الهرب البتة‏.‏

ومن خصائصه وعجيب خلقه أن عظم عنقه عظم واحد ليست له خرز عظام كما في غيره من الحيوان بدليل أنه لا يلوي عنقه ولا يلتفت ومع ذلك فهو يبتلع الشيء العظيم‏.‏

ولبوته لا تلد إلا جرواً واحداً وإنها تضعه كاللحمة ليس فيه حس ولا حركة فتحرسه ثلاثة أيام ثم يأتي أبوه فينفخ فيه المرة بعد المرة حتى يتحرك ثم تأتي أمه فترضعه ولا يفتح عينيه إلا بعد سبعة أيام ويكتسب لنفسه بالتعليم من أبويه بعد ستة أشهر‏.‏

وهو قليل الشرب للماء وإن كان لا يفارق الغياض وله صبرعلى الجوع ولكنه إذا جاع ساءت أخلاقه وليس يلقي رجيعه إلا مرة واحدة في اليوم ويرفع رجله عند البول كما يفعل الكلب وبيول إلى خلف كما تبول الجمال وهو أشد السباع ضراوة على أكل بني آدم وإذا افترس فريسة وأكل منها لا يعود إليها ولا يطأ أثره شيء من السباع‏.‏

قال ابن السندي في المصايد والمطارد‏:‏ ولا يأكل من فريسة غيره من السباع‏.‏

وقد قيل‏:‏ إنه يهرب من الهر ومن الجرو ومن الديك الأبيض وإنه إذا رأى النار عرضت له فكرة أورثته بهتة وأنه يهرب من عواء الجرو إذا عركت أذنه‏.‏

ويقال‏:‏ إن جلده إذا جعل فيما يخاف عليه السوس من الثياب وغيرها أمن من ذلك وإنه إذا عمل منه وتر قوس وأضيف الى أوتار من فراء ومعي أو غيرها أبطل أصواتها وعلا صوته عليها‏.‏

ومن طبعه أنه لا يشرب ماء ولغ فيه كلب وإن مات عطشاً‏.‏

الثاني النمور جمع نمر بفتح النون وكسر الميم ويجمع أيضاً على أنمار ونمار والأنثى نمرة‏.‏

وهو حيوان مرقع اللون بسواد وبياض أقرب شيء من خلقه الفهد وهو أخبث من الأسد لا يملك نفسه عند الغضب حتى إنه ربما قتل نفسه من شدة غضبه‏.‏

قال‏:‏ ابن السندي‏:‏ وهو ودود لجميع الحيوان عدو للنسر وينام ثلاثة أيام‏.‏

والحيوان بطيف به ويميل إليه استحساناً لجلدته‏.‏

وهو جنسان أحدهما‏:‏ عظيم الجثة صغير الذنب والثاني‏:‏ صغير الجثة عظيم الذنب‏.‏

قال في المصايد المطارد‏:‏ ويصاد بالحمر لأنه يحبها‏.‏

قال‏:‏ ومن أراد قتله تمسح بشحم ضبع ودهل عليه فقتله‏.‏

الثالث الكركدن بفتح الكافين وسكون الراء المهملة وفتح الدال المهملة ونون مشددة في الآخر‏.‏

قال الزمخشري في ربيع الأبرار‏:‏ وهو وحش يكون ببلاد الهند يسمى الحمار الهندي له قرن واحد في جبهته يبلغ غلظه شبرين وهو محدد الرأس إلا أنه ليس بالطويل وأنه إذا قطع ظهرت فيه صورة عجيبة‏.‏

وإنه ربما نطح الفيل فبعجه بقرنه‏.‏

وإن أنثاه تحمل سبع سنين وإنه إذا كن بأرض لم يدع شيئاً من الحيوان حتى يكون بينه وبينه مائة فرسخ من جميع جهاته هيبة له وهرباً منه‏.‏

الرابع الفيل وهو حيوان يؤتي به من بلاد الهند والحبشة‏.‏

قال الجاحظ‏:‏ وهو من الحيوانات المائية وإن كان لا يسكن الماء‏.‏

وهو من ذوات الخراطيم وخرطومه أنفه كما أن لكل شيئ من الحيوان أنفاً و هو يده وبه يتناول الطعام والشراب ومنه يغني ويجر فيه الصوت كما يجره الزامر في القصبة بالنفخ‏.‏

قال‏:‏ وأصحابنا يزعمون أنه بينه وبين السنور عداوة وأن الفيل يهرب منه هرباً شديداً‏.‏

وذكر صاحب الخيل في الحروب أنه يقصر عن صوت الخنزير وأنه بذلك ينفر في الحروب‏.‏

وقد ذكر الجوزي‏:‏ أن للفيل إقداماً على السبع‏.‏

قال الجاحظ‏:‏ وهو يعادي البعوض لأنه يثقب جلده بقرصه ومن ثم يرى الفيل دائماً يحرك آذانه ليطرد عنه الناموس‏.‏

وهو مخصوص بخفة وقع قوائمه على الأرض إذا مشى حتى لو أن إنساناً كان جالساً وجاء الفيل من خلفه لما شعر به‏.‏

وذكر عبد القاهر البغدادي‏:‏ أن الفيلة تحمل سبع سنين وقيل سنتين وقيل‏:‏ ثلاث قبل أن تضع وأن لسان الفيل مقلوب‏:‏ طرفه داخل حلقه وأصله من خارج على العكس من سائر الحيوان وأن ثدييها على كبدها وترضع أولادها من تحت صدرها‏.‏

وقد ذكر الغزالي‏:‏ أن فرجها تحت بطنها فإذا كان وقت الضراب ارتفع وبرز للفحل حتى يتمكن من إتيانها‏.‏

الخامس الزرافة بفتح الزاي وضمها وهي حيوان يؤتى به من بلاد الحبشة واليمن طويل اليدين قصير الرجلين ذنبه وحوافره كذنب البقر وحوافرها ورقبته ورأسه كرقبة الجمل ورأسه ولونه قال الجاحظ‏:‏ وقد زعموا أن الزرافة تتولد بين الناقة من نوق الحبشة وبين بقر الوحش وبين الذيخ وهو ذكر الضباع وذلك أن الذيخ يعرض للناقة بقر الوحش وبين الذيخ وهو ذكر الضباع وذلك أن الذيخ يعرض للناقة فيسفدها فتلقح بولد يجيء خلقه بين الناقة والضبع فإن كان الولد أنثى عرض لها الثور الوحشي فيضر بها فيأتي الولد زرافةً وإن كان ذكراً تعرض للمهاة فألقحها فيأتي الولد زرافة أيضاً‏.‏

قال‏:‏ ومنهم من يزعم أن الزرافة الأنثى لا تلقح من الزرافة الذكر ثم قال‏:‏ وهذا مشهور باليمن والحبشة‏.‏

ثم إن كانت أسنانها سوداً دلت على هرمها وإن كانت بيضاً دلت على حداثة سنها‏.‏

ومن أمراضها‏:‏ الكلب وهو كالجنون يعتريها كما يعتري الكلب فيقتلها وكل من عضته وهي على هذه الحالة قتلته إلا ابن آدم فإنه ربما عولج فسلم‏.‏

ومن أمراضها أيضاً‏:‏ الذبحة والنقرس‏.‏

الصنف الثاني معلمات الصيد وقد يعبر عنها بالضواري وهي كل ما يقبل التعليم من الوحوش كائناً ما كان حتى حكي عن السوداني القناص أنه بلغ من حذقه أنه ضرى ذئباً حتى اصطاد به الظباء وما دونها وألفه حتى رجع إليه من ثلاثين فرسخاً وضرى أسداً حتى اصطاد به حمر الوحش‏.‏

ويقال‏:‏ إن ابن عرس يجعل حبل في عنقه ويدخل على الثعلب فلا يخرج إلا به‏.‏

وهي على ضربين‏:‏ الأول الفهودة جمع فهد بكسر الهاء وقد زعم أرسطو طاليس‏:‏ أنه يتولد من أسد ونمرة أو من نمر ولبوة‏.‏

وهو من السباع التي تصاد ثم تؤنس حتى تصيد‏.‏

وهو من الحيوان المحدد الأسنان وأسنانه يدخل بعضها في بعض كالكلب وغيره‏.‏

قال في التعريف‏:‏ وأول من صاد به كسرى أنو شروان أحد ملوك الطبقة الأخيرة من الفرس‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ ويصطادونه بضروب من الصيد‏:‏ منها‏:‏ الصوت الحسن فإنه يصغي إليه إصغاء شديداً‏.‏

ومنها‏:‏ كده وإتعابه حتى يحميى ويعيا وينبهر ويحفى فإذا أخذ غطيت عيناه وأدخل في وعاء وجعل في بيت ما دام وحشياً ووضع عنده سراج ولازمه سائسه ليلاً ونهاراً ولم يدعه يرى الدنيا ويجعل له مركباً كظهر الدابة يعوده ركوبه ويطعمه على يده فلا يزال كذلك حتى يتأنس فإذا ركب مؤخر الدابة فقد صار داجناً وصاد‏.‏

وفي طباعه أمور‏:‏ منها‏:‏ كثرة النوم حتى يضرب بنومه المثل فيقال‏:‏ أنوم من فهد وكثرة الحياء حتى إنه لا يعلم أنه عاظل أنثى بين يدي الإنس وقد عني بمراعاته في ذلك فلم يوقف عليه وإن كان الأسد يفعل ذلك كثيراً‏.‏

ونقل ابن السندي عن بعض الفهادة‏:‏ أن سائسه إذا أمر يده عليه اطمأن إليه ومال فإذا وضع يده على فرجه نفر وعض يده‏.‏

ومنها‏:‏ الغضب حتى إنه أرسل على صيد فلم يحصله احتد وإن لم يأخذ سائسه في تسليته قتل نفسه أو كاد‏.‏

قال صاحب المصايد والمطارد‏:‏ والمسن من الفهود إذا صيد كأن أسرع في الصيد من الجرو الذي يربى ويؤدب‏.‏

والأنثى أصيد من الذكر كعامة إناث الجوارح‏.‏

قال‏:‏ وليس شيء من الوحش في قدر جرم الفهد إلا والفهد أفضل منه‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ وضد الفهد الظباء والوعول على اختلاف أجناسها‏.‏

الثاني الكلاب جمع كلب ويجمع على أكلب أيضاً وعلى كليب كعبد وعبيد‏.‏

و الأنثى كلبة وتجمع على كلبات بالفتح وهو حيوان شديد الرياضة كثير الوفاء مشترك الطباع بين السبع والبهيمة لأنه لو تم له طباع السبعية لما ألف الناس ولو تم له طباع البهيمية لما أكل اللحم‏.‏

ويقال‏:‏ إنه يحتلم وأنثاه تحيض وتحمل أنثاه ستين يوماً وربما حملت أقل من ذلك‏.‏

ويسفد بعد سنة وربما تقدم على ذلك ولها عند السفاد اشتباك عظيم‏.‏

وإذا سفد الأنثى كلبان مختلفان أتت من كل واحد بلونه‏.‏

وفيه من اقتفاء الآثار وشم الرائحة ما ليس لغيره من الحيوان‏.‏

والميتة أحب إليه من اللحم الغريض‏.‏

ومن طبعه‏:‏ إنه يحرس صاحبه شاهداً أو غائباً ذاكراً أوغافلاً ونائماً أو يقظان‏.‏

وهو أيقظ حيوان في الليل وإذا نام كسر أجفان عينيه ولا يطبقها لخفة نومه‏.‏

ومن عجيب شأنه أنه يكرم الرئيس من الناس فلا ينبحه وإنما ينبح أو باش الناس‏.‏

ومن طبعه أن الضبع إذا مشت على ظله في القمر رمى بنفسه بين يديها فتأكله وإذا ظفر بكلب غريب كاد يفترسه‏.‏

وقد أجاز الشارع اتخاذها للصيد ونحوه أباح صيدها مع نجاسة عينها‏.‏

قال في التعريف‏:‏ وأول من اتخذها للصيد دارا أحد ملوك الفرس‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ وإذا كسر الكلب الأرانب فهو نهاية وإن كان يطيق فوق ذلك‏.‏

والكلب يمسك لصاحبه ولذلك لا يأكل من الصيد بخلاف سائر الجوارح‏.‏

قال‏:‏ وإناثها أسرع تعلماً من الذكور وأطول أعماراً حتى إنها تعيش عشرين سنة‏.‏

ومن خاصية الكلب‏:‏ أنه إذا عاين الظباء قريبة كانت أو بعيدة عرف منها العليل من غيره والعنز من التيس فيتبع التيس منها دون العنز وإن كن التيس أشد عدواً وأبعد وثبةً لأنه يعلم أن التيس إذا عدا شوطاً أو شوطين غلب عليه البول ولا يستطيع إرساله في عدوه فيقل عند ذلك عدوه ويقصر مدى خطاه فيدركه الكلب بخلاف العنز فإنها غذا اعتراه البول أرسلته لسعة مسيله والكلب يعرف ذلك كله طبعاً وكذلك يعرف جحرة الأرانب والثعالب وإن ركبها الثلج والجليد يشمه فيقف عليه ويثير ما فيها من الوحش وإذا صعد منه أرنب الى أعلى جبل شاهق كان له من التلطف في الارتقاء والصعود ما لا يلحقه غيره بل لا يخفي عليه من الصيد الميت من المتماوت‏.‏

ومن خصائص الأنثى‏:‏ أنها تحمل ستين يوماً ويبقى جروها بعد الولادة اثني عشر يوماً أعمى وأكثر ما تضع ثمانية أجراء وربما وضعت واحداً فقط‏.‏

ورأس الكلب كله عظم واحد‏.‏

والكلب يطرح مقادم أسنانه ويخلفها ولكنه لا يظهر لكثير من الناس لأنه لا يلقي منها شيئاً حتى ينبت في مكانه غيره‏.‏

والفرق بين الذكر والأنثى أن الذكر إذا أدرك يرفع رجله عند البول والأنثى تبول مقعية وربما رفعت رجلها والذكر يهيج للسفاد في السنة قبل الأنثى وأسنان الذكر أكثر ومضغه أشد‏.‏

قال الجاحظ‏:‏ وخير الكلاب ما كان لونه يذهب الى لون الأسد بين الصفرة والحمرة ثم البيض إذا كانت عيونها سوداء‏.‏

وذكر صاحب المصايد والمطارد‏:‏ أن الأبيض أفره والأسود أصبر على الحر والبرد‏.‏

ومن علامة النجابة والفراهة فيه‏:‏ أن يكون تحت حنكه طاقة شعر مفردة غليظة وأن يكون شعر حديه جافياً‏.‏

ومن علامة الفراهة‏:‏ طول ما بين يديه ورجليه وقصر ظهره وصغر رأسه وطول عنقه وغضف أذنيه وبعد ما بينهما وزرقة عينيه وضخامة مقليته ونتوء حدقته وطول خطمه وذقنه وسعة شدقه ونتو جبهته وعرضها‏.‏

ويستحب فيه‏:‏ أن يكون قصير اليدين طويل الرجلين طويل الصدر غليظه قريبه من الأرض ناتئ الزور غليظ العضدين مستقيم اليدين منضم الأظافير عريض ما بين مفاصل الأعطاف عريض ما بين عظمي أصل الفخذين مع طولهما وشدة لحمهما دقيق الوسط مستقيم الرجلين قصير الساقين غير محني الركبتين قصير الذنب إن كان ذكراً مع دقة وصلابة‏.‏

وإن الكلبة إذا ولدت اثنين كان الذكر منهما أفره من الأنثى وإن ولدت ثلاثة فيها أنثى في شبه الأم كانت أفره من الثلاثة وإن كان في الثلاثة ذكر واحد كان أفرهها وإذا القيت الجراء وهي صغار في مكان ندي فأيها مشى على أربع فهو أفره‏.‏

ومن أعظم أدوائها‏:‏ الكلب بفتح اللام وهو داء كالجنون يعتري الكلب يؤثر فيمن عضه أنه يخرج ومن عجيب ما يحكى في ذلك‏:‏ أن رجلاً عضه كلب كلب فتلقاه بكمه فأصابته أسنانه ولعابه فشمر كمه ساعة ثم نشره فتساقط منه جراء صغار‏.‏

ثم كلاب الصيد على ضربين‏:‏ سلوقية بفتح السين وزغارية بضم الزاي‏.‏

فأما السلوقية فمنسوبة الى سلوق‏:‏ بلدة من اليمن كما قاله صاحب المصايد والمطارد والمؤيد صاحب حماه في تقويم البلدان والمقر الشهابي ابن فضل الله في التعريف‏.‏

قال في التعريف‏:‏ وهي مولدة بين الثعالب والكلاب ولذلك لا تقبل التعليم إلا في البطن الثالث منها قال‏:‏ ولها سلاح جيد‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ ولها أنساب كأنساب الخيل قال‏:‏ وقل أن يعرض لها مرض الكلب‏.‏

وأما الزغارية فهي ألطف قداً من السلوقية ولم أدر إلى ماذا تنسب‏.‏

الصنف الثالث ما يعتني بصيده من الوحش والمشهور منه عشرون ضرباً الأول الحمارة العتابية‏:‏ وهي حيوان في صورة البرذون موشى الجلد بالبياض والسواد يروق الناظر حسنها‏.‏

وقد كان أهدي للظاهر برقوق سقى الله عهده حمارة من هذا النوع فأقامت مدة ثم أعطاها فقيراً من فقراء العجم فكان يركبها كما تركب الخيل والحمير ويمشي بها في القاهرة ثم عوضه الناصر بن الظاهر سلطان العصر عنها عوضاً واعتادها منه وأرسلها في هدية لا بن عثمان صاحب بلاد الروم غربي الخليج القسطنطيني‏.‏

الثاني البقر الوحشية وتعرف بالمها وهي دون البقر الأهلية في المقدار ولها قرنان في رأسها في كل قرن منهما شعب وهي من جليل الصيد ويقال للفتي منها‏:‏ المها وبها يضرب المثل في حسن العيون وسوادها‏.‏

ومن طبعه‏:‏ الشبق وشدة الشهوة ولذلك إذا حملت أنثاه هربت منه خوفاً من تعبثه بها وهي حامل وربما ركب الذكر الذكر لشدة شبقه‏.‏

قال صاحب المصايد والمطارد‏:‏ وكل إناث الحيوان أرق صوتاً من الذكور إلا البقر الوحشية فإن الأنثى أفخم صوتاً وأظهر من الذكر‏.‏

ومواضعها من البرية‏:‏ الوهدات وما استوى من الأرض ودنا من الماء والعشب وليست مما يسكن الجبل ولذلك عيب في ذلك محمد بن عبد الملك الزيات كاتب المعتصم ووزيره حيث وصف ثوراً من ثيرانها برعيه في الجبل‏.‏

وهي مما يصاد بالطرد على الخيل‏.‏

ويقال إن أول من طردها على الخيل ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان فإنه أول من ركب الخيل على قول ولما ركبها رأى بقرة وحشية فطردها فلجأت الى مكان يمكنه أخذها منه فرق لها وتركها‏.‏

ويقال‏:‏ إن من الكلاب ما يتسلط عليها ويتعلق بها وأقدر معين له عليها من جوارح الطير العقاب‏.‏

قال ابن السندي‏:‏ ودمعها أسرع الى الجمود من دم سائر الحيوان‏.‏

الثالث الحمر الوحشية‏:‏ ويقال للأنثى من حمر الوحش‏:‏ أتان وللذكر‏:‏ حمار وعير كنا يقال في الحمر الإنسية وربما قيل‏:‏ الفراء وهو من أشد الصيد عدواً ولذلك يضرب به المثل فيقال‏:‏ كل الصيد في جنب الفرا أو في جوف الفرا‏.‏

وبه تشبه العرب خيلها وإبلها في السرعة‏.‏

ويقال‏:‏ إن الحمار الوحشي لا ينزو إلا إذا كان له من العمر ثلاثون شهراً وإن الأنثى لا تلقح منه حتى يتم له ثلاث سنين وقيل سنتان وستة أشهر‏.‏

ويوصف بشدة الغيرة على أتنه حتى يقال‏:‏ إن فيها ما ذا ولد له ولد ذكر كدم قضيبه وخصيبه حتى يقطعهما‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ وليس يتعلق به شيء من الضواري ولا الجوارح إلا العقاب ولا شيء أبلغ في صيده من الرمي بالنشاب‏.‏

الرابع الغزلان ويقال لها الظباء بكسر الظاء أحدها ظبي‏.‏

ثم الطباء على ثلاثة أضرب‏:‏ أحدها‏:‏ البيض ويقال لها‏:‏ الآرام جمع رئم ومساكنها الرمل ويقال‏:‏ هي ضأن الظباء‏.‏

وثانيها‏:‏ الأدم وهي ظباء سمر الظهور وبيض البطون طويلة الأعناق والقوائم وهي أسرعها وثالثها‏:‏ العفر وهو صنف يعلوه مع البياض حمرة قصار الأعناق ومسكنها صلاب الأرض‏.‏

ويصيد جميعها الفهد والكلب والعقاب وتصاد أيضاً بالحبالة والشرك وربما صيدت بإيقاد النار بإزائها لأن الظبي إذا رأى النار في الليل تأملها وأدمن النظر إليها وغشي بصره وذهل وقد يضاف الى النار تحريك جرس ونحوه فيزداد ذهوله فيؤخذ وتصاد بأمور أخرى غير ذلك‏.‏

الخامس الأياييل جمع أيل بضم الهمزة وتشديد الياء المثناة تحت ولام في الآخر‏.‏

وهو حيوان قريب الشبه من الظباء له قرنان في رأيه كالظبي‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ وهو معتصم بالجبل قلما يحل السهل وقرونه مصمتة لا تجويف فيها ويخلفها في كل عام غيرها ويبتدئ في ذلك بعد مضي سنتين من ولادته وله أربع أسنان في كل ناحية من ناحيتي فيه وذكره عصب لا لحم فيه ولا غضروف ولا عظم ودم كل حيوان يجمد إلا دمه وليس للأنثى منها قرون البتة وأصوات ذكورها أحمد من أصوات إناثها وهو يرتاح لسماع الغناء‏.‏

وإذا مر بشجرة الزيتون ذل لها ويأكل الحيات ولا يضره سمها‏.‏

وسيأتي في الكلام على الأحجار أن البادزهر الحيواني من صنف منه‏.‏

ومن خواصه‏:‏ أنه إذا بخر بقرنه كع كبريت أحمر هربت الحيات‏.‏

السادس الأرنب جمع أرنب مع كبريت أحمر هربت الحيات‏.‏

السادس الأرنب جمع أرنب والأرنب مؤنثة وهي حيوان صغيرة الجثة قصيرة اليدين قريب من لون الثعلب وليس شيء مما يوصف بقصر اليدين أسرع منها‏.‏

ومن خصائصها‏:‏ كثرة الشعر حتى إنه لينبت في بطون شدقيها وتحت رجليها‏.‏

وقضيب ذكر الأرنب من عظم وربما ركبت الأنثى الذكر في السفاد‏.‏

ولا ينام الأرنب إلا مفتوح العين‏.‏

ومن طبعها أنها تطأ الأرض بباطن كفها لتعفي أثرها إلا أن الكلب الماهر يدرك أثر قوائمها‏.‏

ومن شأنها‏:‏ ألا تأوي الى ساحل البحر وإذا طردت لجأت الى الجبال واشتد عدوها فيها والأنثى لا تسمن وهي عند العرب مما يحيض وتسفد وهي حبلى وتلد الأول والثاني على ما في بطنها‏.‏

السابع الذئاب جنمع ذئب وهو حيوان في صورة الكلب في لونه بلق بكمودة والذئبة أجرأ من الذئب وأشد عدواً وأسنانه عظم مخلوق في فكيه ليست مغروسة فيهما كسائر الحيوان‏.‏

قال ابن السندي‏:‏ وأخبرني أبو بكر الدقيشي أن هذه الخلقة في أسنان الضبع أيضاً‏.‏

والذئب صاحب خلوة وانفراد ومتى رأى الإنسان قبل أن يراه أخفى صوته ون رآه جزع منه احترأ عليه وساروه‏.‏

وإذا تسافد هو وأنثاه التحما التحاماً شديداً حتى يقال‏:‏ إنه إذا هجم عليهما داخل في هذه الحالة قتلهما كيف شاء ولذلك يبعدان في هذه الحال الى مكان لا يريان فيه‏.‏

وإذا تهارش ذئبان فأدمى أحدهما الآخر عدا الذي أدمى على المدمى فقتله خوفاً من أخذ الثأر وإذا عجز الذئب عن الدفع عوى فاجتمع إليه الذئاب نصرة له وإذا لقي الفارس والرض مثلوجة خمش الثلج بيديه ورمى به في وجه الفارس ليدهشه ثم يعقر دابته فيتمكن منه ومتى وطئ الفرس أثر الذئب رعد وخرج الدخان من جسده كله ولذلك قل من يطرد من الفرسان ولا يتفطن لوطء أثره‏.‏

ويصاد بالكلاب وغيرها وقد تقدم أن السوداني ضرى ذئباً حتى اصطاد له الظباء‏.‏

الثامن الثعالب جمع ثعلب وهو حيوان معروف موصوف بكثرة الروغان في عدوه وبالحيل حتى إنه يتماوت عند رؤية الغراب فينزل عليه الغراب على ظن موته ليأكل منه فيقبضه هو‏.‏

ومن خبثه وحيلته يختلط بكبار الوحوش وجلتها‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ ومن فضائله تشبيههم مشية الخيل بمشيته التي يقال لها‏:‏ الثعلبية‏.‏

ومن عجائبه‏:‏ أن قضيبه في خلقة الأنبوية أوسطه عظم في صورة الثقب والباقي عصب ولحم‏.‏

وهو كريم الوبر والأسود من وبره في الغاية القصوى والأبيض منه لا يكاد يفرق بينه وبين الفنك‏.‏

ومن خصائصه‏:‏ أنه يتمرغ في الزرع فلا ينبت موضعه وربما سفد الكلبة فولدت كلباً في خلقة السلوقي الذي لا يقدر على مثله وقد تقدم ذكر ذلك في الكلام على الكلاب السلوقية‏.‏

التاسع الضباع جمع ضبع ويقال لها‏:‏ أم عامر وهي مما يؤكل وإن كانت من ذوات الناب لورود النص بذلك‏.‏

وتزعم العرب أنها تكون سنة ذكراً وسنة أنثى‏.‏

ومن خصائصها‏:‏ أنها إذا رأت الكلب في ليلة مقمرة على سطح ووطئت ظله وقع فأكلته‏.‏

وإذا اقتحم عليها مقتحم وجارها وقد سد جميع منافذ جحرها حتى يمتنع منه الضوء فلا يبقى فيه خرم إبرة ربطها بحبل وخرج بها وإن بقي ما يدخل منه الضوء ولو قدر سم إبرة وثبت عليه فأكلته ومن كان معه شيء من الحنظل لم تقربه الضبع‏.‏

العاشر سنور البر وهو التفا‏.‏

وفي حله عند الشافعية وجهان أصحهما التحريم‏.‏

وصيده يحتاج الى علاج كبير وربما وثب على وجوه الناس وطرده بالخيل من أعسر الطراد وأولى ما يصاد به الرمي‏.‏

ومنهم من يعده في السباع‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ وقلما انتفع به في صيد إلا أنه يثب على الكركي وما في مقداره من الطيور فيصيده‏.‏

أما السنور الأهلي وهو الهر المعروف فغير مأكول ولا يصيد إلا الفأر وما في معناه من خشاش الأرض ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الهرة‏:‏ ولكنها من الطوافين عليكم بمعنى تطوف على النائم في بيته فتقبض مالعله يسرح عليه من الخشاش‏.‏

الحادي عشر الدب وهو حيوان قريب في الصورة من السبع وهو يسكن الجبال والمغاير والأنثى ترفع ولدها أياماً هرباً به من الذر والنمل لأنها تصعه كقطعة لحم فلا تزال تنقله وتراعيه حتى تشتد أعضاؤه وتجعله تحت شجرة الجوز وتصعدها فتجمع الجوز في كفها ثم تضرب اليمنى على اليسرى وترمي إليه فإذا شبع نزلت وربما قطعت من الشجرة العود الذي يعجز الناس عنه وتقبض عليه في موضع مقبض العصا وتشد به على الفارس وغيره فلا تصيب به شيئاً إلا أهلكته‏.‏

ومن خصيصته‏:‏ أنه يستتر في الشتاء فلا يظهر إلا في الصيف بخلاف سائر الحيوان‏.‏

الثاني عشر الخنزير وهو حرام بنص القرآن ونجس في مذهب الشافعي رضي الله عنه قياساً على الكلب بل قالوا‏:‏ إنه أسوأ حالاً منه لعدم حل اقتنائه إلا أنه مباح القتل فيكون في معنى الصيد‏.‏

وهو حيوان في نحو مقدار الحمار وشعره كالإبر وله نابان بارزان من فكه الأسفل‏.‏

ومن خاصته‏:‏ أنه لا يلقي شيئاً من أسنانه بخلاف سائر الحيوان فإنها تلقي أسنانها خلا الأضراس‏.‏

وهو كثير السفاد كثير النسل حتى إنه ربما بلغت عدة خنانيصه وهي أولاده اثني عشر خنوصا‏.‏

قال في بالمصايد والمطارد‏:‏ وهومن الحيوان البري الجاهل الذي لا يقبل التاديب والتعليم ويقبل السمن سريعاً ويقال إنه إذا جعل بين الخيل سمنت‏.‏

الثالث عشر السمور بفتح السين وبالميم المشددة المضمومة على وزن السفود والكلوب وهو حيوان بري يشبه السنور وقد يكون أكبر منه‏.‏

قال عبد اللطيف البغدادي‏:‏ وهو حيوان جريء ليس في الحيوان أجرأ منه على الإنسان لا يصاد إلا بالحيل‏.‏

ووقع للنووي في تهذيب الأسماء واللغات‏:‏ أن السمور طير ولعله سبق قلم منه‏.‏

وأغرب ابن هشام البستي في شرح الفصيح فقال‏:‏ إنه ضرب من الجن‏.‏

والتحقيق أنه من جملة الوحوش كما تقدم‏.‏

وحكمه حل أكله‏.‏

ومه يتخذ نفيس الفراء التي لا يلبسها إلا الملوك وأكابر الأعيان ممن يداني الملوك لحسنها ودفائها وأحسنه ما كان منه شديد النعومة مائلاً الى السواد‏.‏

الرابع عشر الفنك بفتح الفاء والنون وهو دويبة لطيفة لها وبر حسن ابيض يخالطه بعض حمرة بتخذ من جلوده الفراء‏.‏

قال ابن البيطار‏:‏ وفروه أطيب من جميع الفراء ومزاجه أبرد من السمور وأحر من السنجاب ويصلح للأبدان المعتدلة قال‏:‏ وكثيراً ما يجلب من بلاد الصقالبة‏.‏

الخامس عشر القاقم بقافين الثانية منهما مضمومة وهو دويبة في قدر الفأر لها شعر أبيض ناعم ومنه يتخذ الفراء‏.‏

وهو أبرد مزاجاً وأرطب من السنجاب ولذلك كان لونه البياض السادس عشر الدلق بفتح الدال المهملة واللام وقاف في الآخر فارسي معرب وهو دويبة تقرب من السمور‏.‏

قال عبد اللطيف البغدادي‏:‏ وهو يفترس في بعض الأحايين ويكرع في الدم‏.‏

وذكر ابن فارس‏:‏ أنه النمسز وقد ذكر الرافعي أنه يسمى‏:‏ ابن مقرض والمعروف أن الدلق حيوان تتخذ منه الفراء‏.‏

السابع عشر السنجاب وهو حيوان أكبر من الفأر ووبره في غاية النعومة وجلده في نهية القوة‏.‏

وحكمه الحل وقال بتحريمه بعض الحنابلة‏.‏

ويتخذ من جلده الفراء النفيسة التي يلبسها أعيان الناس ورؤساؤهم‏.‏

ومن شأنه‏:‏ أنه إذا أبصر الإنسان صعد الشجر العالي وفيها يأوي ومنها يأكل‏.‏

وهو كثير ببلاد الفرنج والصقالبة وأحسن ألوانه الأزرق ثم إنه يقال إنه ربما تبقى زرقته لأنه يخنق ولا يذكى فإن صح ذلك فهو ميتة لا يطهر شعره بالدباغ على أظهر القولين من مذهب الشافعي رضي الله عنه خلافاً للأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني وابن أبي عصرون فإنهما يريان طهارة الشعر بالدباغ وهو رواية الربيع الجيزي عن الشافعي واختاره الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله‏.‏

الثامن عشر سنور الزباد وهو في صورة السنور الأهلي إلا أنه أطول ذنباً منه وأكبر جثة ولونه الى السواد أميل وربما كان أنمر وهو يجلب من بلاد الهند والسند والزباد فيه شبيه بالوسخ الأسود اللزج ذفر الرائحة يخالطه طيب كطيب المسك ويوجد في باطن إبطه وباطن أفخاذه وباطن ذنبه وحول دبره فيؤخذ من هذه الأماكن بملعقة ونحوها‏.‏

التاسع عشر السنور الأهلي وهو الهر ويقال في أصل خلقه‏:‏ إن أهل السفينة شكوا إلى نوح عليه السلام ضرر الفأر فمسح على وجه الأسد بيده فعطس فخرج السنور من أنفه ولذلك هو يشبهه في التكوين وكيفية الأعضاء‏.‏

وفيه مشاركة للإنسان في خصال‏:‏ منها‏:‏ أنه يعطس ويتثاءب ويتناول الشيء بيده ويأكل اللحم ويمسح وجهه بلعابه كأنه يغسله وإذا اتسخ شيء من بدنه نظفه وإذا قضى حاجته خبأ ما يخرج منه ويشمه حتى تخفى رائحته‏.‏

ويقال‏:‏ إنه يفعل ذلك كيلا يشمه الفأر فيهرب وهو للسفاد في آخر الشتاء ويكثر الصياح حينئذ وتحمل الأنثى منه مرة في السنة وتقيم حاملاً خمسين يوماً وإذا ألف منزلاً منع غيره من السنانير من الدخول إليه وإذا طرده أهل البيت تملق لهم وترقق وإذا اختطف شيئاً هرب به خوف المعاقب عليه‏.‏

والهرة إذا جاعت أكلت أولادها ويقال‏:‏ إنها تفعل ذلك من شدة الحنو‏.‏

وقد ذكر القزويني‏:‏ أن العشرون النمس قال الجوهري‏:‏ وهو دويبة عريضة كأنها قطعة قديد تكون بأرض مصر تقتل الثعبانن والنمس بمصر معروف وهو حيوان قصير اليدين والرجلين أغبر اللون طويل الذنب يصيد الدجاج وإذا رأى ثعباناً قبض عليه وقتله وربما صيد وأنس فتأنس‏.‏

فإذا علم الكاتب صفات الوحوش وخصائصها عرف كيف يورد الجليل منها من الأسد والفيل ونحوها موارده في الوصف وكيف يصف ضواري الصيد كالفهد وكيف يصف وحوش الصيد كالظباء وبقر الوحش وحمر الوحش وغيرها وكذلك ما يقع من التشبيهات بشيء من الحيوان كما قال بعض الشعراء‏:‏ وتجتنب الأسود ورود ماء إذا كان الكلاب يلغن فيه وكما أنشد الجاحظ‏:‏ جاءت مع الأفشين في هودج تزجي إلى البصرة أجنادها كأنها في فعلها هرة تريد أن تأكل أولادها مشيراً بذلك إلى ما تقدم من أكل الهرة أولادها وغير ذلك مما يجري هذا المجرى وسيأتي ذكر ما في معنى ذلك من الرسائل المتعلقة بأوصاف الحيوان في المقالة العاشرة المعدة لذلك إن شاء الله تعالى‏.‏

فيما يحتاج إلى وصفه من الطيور ويحتاج الكاتب إلى ذلك في رسائل الصيد وإهداء الجوارح والجواب عو إهدائها وكتابة قدم البندق وما يجري مجرى ذلك وهو على أربعة أصناف‏:‏ الصنف الأول الجوارح وهي يصاد بها الطير والوحش ويحتاج الكاتب إلى وصفها في الرسائل الصيدية وفي إهداء شيء من الجوارح أو الجواب عنها‏.‏

وأعلم أن الصائد الكبير الجثة المعتبر في الصيد في جميع أجناس الجوارح هي الإناث أما ذكورها فإنها ألطف في المقدار وأضعف في الصيد على ما يأتي بيانه فيما بعد إن شاء الله تعالى‏.‏

قال في التعريف‏:‏ ويستحب في الجوارح كبر هامتها ونتو صدرها واتساع حماليقها وقوة إبصارها وحدة مناسرها وصفاء ألوانها ونعومة رياشها وقوة قوادمها وتكاثف خوافيها وثقل محملها وخفة وثباتها واشتدادها في الطلب ونهمها في الأكل وقد قسمها في التعريف إلى قسمين‏:‏ صقور وبزارة وفرق بينهما بأن الصقر ما كان أسود العين والبازي ما كان أصفر العين على اختلاق المسميات ثم قال‏:‏ أما العقاب فإنه لا يعد في الصقور ولا في البزاة وهو معدود في الجوارح وفي الطير الجليل‏.‏

وبالجملة فالجوارح على ثلاثة أقسام‏:‏ القسم الأول العقاب وهو ضربان الضرب الأول المخصوص باسم العقاب وهو مؤنثة لا تذكر وتجمع على عقبان وأعقب‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ وهي من أعظم الجوارح وليس بعد النسر في الطير أعظم منها وأصل لونها السواد‏.‏

فمنها‏:‏ سوداء دجوجية وخدارية وهي التي لا بياض فيها‏.‏

ومنها‏:‏ البقعاء وهي التي يخالط سوادها بياض‏.‏

ومنها‏:‏ الشقراء وهي التي في رأسها نقط بياض‏.‏

قال أبو عبيدة ويونس‏:‏ ويقال لذكر العقاب الغرن - بفتح الغين والراء المهملة - ويقال‏:‏ إن ذكور العقبان من طير آخر لطاف الجرم لا تساوي شيئاً تلعب بها الصبيان‏.‏

والعقاب من أسرع الطير طيراناً فقد حكي أن عقاباً حملت كف عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد المسمى بيعسوب قريش المقتول يوم الجمل بالكوفة فألقتها بمكة فأخذت فوجد بها حلقة فعرف أنها كفه وأرخ ذلك الوقت فتبين أنها ألقتها يوم الجمل الذي قتل فيه‏.‏

وأول من صادها أهل المغرب فلما نظرت الروم إلى شدة أمرها وأفراط سلاحها قال حكماؤهم‏:‏ هذا لا يفي خيره بشره‏.‏

وصفة الوثيق النجيب منها‏:‏ وثاقة الخلق وثبوت الأركان وحمرة اللون وغؤور العين بالحماليق وأن تكون صقعاء عجزاء لا سيما ما كان منها من أرض سرت أو جبال المغرب‏.‏

وهي تصيد الظباء والثعالب والأرانب وقد تصيد حمر الوحش وطريق صيدها إياها أنها إذا نظرت حمار الوحش رمت بنفسها في الماء حتى يبتل جناحاها ثم تخرج فتقع على التراب فتحمل منه ومن الرمل ما يعلق بهما ثم تطير طيراناً ثقيلاً حتى تقع على هامته فتصفق علىعينيه بجناحيها فيمتلئان تراباً من ذلك التراب الذي علق بجناحيها فلا تستطيع المسير بعد ذلك فيدركها القانص فيأخذها وربما كسرت الآدمي‏.‏

ومما يحكى في ذلك‏:‏ أن قيصر ملك الروم أهدى إلى كسرى ملك الفرس عقاباً وكتب إليه‏:‏ إنها تعمل أكثر من عمل الصقور فأمر بها كسرى فأرسلت على ظبي فاقتنصته فأعجبه ما رأى منها فانصرف وجوعها ليصيد بها فوثبت على صبي له فقتله فقال كسرى‏:‏ إن قيصر قد جعل بيننا وبينه دماً ثائراً بغير جيش ثم إن كسرى أهدى إلى قيصر نمراً وكتب إليه‏:‏ أن قد بعثت إليك فهدأ يقتل الظباء وأمثالها من الوحش وكتم ما صنعت العقاب فأعجب قيصر حسن ومن شأنها‏:‏ أنها لا تطلب شيئاً من الوحش الذي تصيده وهي لا تقرب إنساناً أبداً خوفاً من أن يطلب صيدها ولا تزال مرقبة على مرقب عال فإذا رأت بعض سباع الطير قد صاد شيئاً انقضت عليه فإذا أبصرها هرب وترك الصيد لها فإن جاعت لم يمتنع عليها الذئب في صيدها وربما اغتالت البزاة فقتلتها‏.‏

ومن خصائصها‏:‏ أنها أشد إخفاء من سائر الطير‏.‏

قال غطريف بن قدامة الغساني صاحب صيد هشام بن عبد الملك‏:‏ وأول من لعب بالعقاب أهل المغرب فلما عرفوا أسرارها نفذوها إلى ملك الروم فاستدعى جميع حكمائه فقال لهم‏:‏ انظروا في قوة هذا الطير وعظم سلاحه كيف تجب تربيته وتعرفوا أسراره في صيده وتعليمه وكيف ينبغي أن يكون فأجابوا جميعاً‏:‏ بأن هذا الطائر دون سائر أجناسه كالأسد في سائر الوحوش وكما أن الأسد ملك كذلك هذا ملك بين سائر سباع الطير‏.‏

وعند العداوة والغضب كل الأجناس عنده من سائر الحيوان على اختلاف أنواعه واحد لقوة غضبه وشدة بأسه فهو لا يستعظم الآدمي ولا غيره من الحيوان‏.‏

الضرب الثاني - الزمج - بضم الزاي وفتح الميم المشددة ثم جيم والعامة تبدل الزاري جيماً والجيم زاياً وهو طائر معروف تصيد به الملوك الوحش وأهل البيزرة يعدونه من خفاف الطير الجوارح إلا أنهم يصفونه بالغدر وقلة الإلف لكثافة طبعه وكونه لا يقبل التعليم إلا بعد بطء ومن عادته أنه يصيد على وجه الأرض وأحسن صفاته أن يكون أحمر اللون‏.‏

وقال الليث‏:‏ الزمج طائر دون العقاب حمرته غالبة والعجم تسميه دوبرا دران ومعناه أنه إن عجز عن الصيد أعانه عليه أخوه‏.‏

القسم الثاني من الجوارح البزاة وهي ما اصفرت عينه وهي على خمسة أضرب‏:‏ الأول البازي - المختص في زماننا باسم البازي وفي ضبطه ثلاث لغات أفصحها بازي بكسر الزاي وتخفيف الياء في الآخر والثاني باز بغير ياء في آخره والثالث بازي باثبات الياء وتشديدها حكاها ابن سيده ويقال في التثنية‏:‏ بازيان وفي الجمع‏:‏ بواز وبزاة ولفظه مشتق من البزوان وهو الوثب‏.‏

وهو خفيف الجناح سريع الطيران وهو من أشرف الطيور الجوارح وأحرصها على طلب صيده‏.‏

ففي أخبار نصر بن سيار أن بعض كبراء الدهاقين غدا عليه بطبر ستان ومعه منديل فيه شي ملفف فكشف عنه بين يديه فإذا فيه شلو بازٍ ودراجة فأطلقه عليها فأحست به وكنت قد أمرت بإحراق قصب قد أفسد أرضاً لي - فتحاملت الدراجة حتى اقتحمت النار هاربة من البازي واشتد طلبه لها وحرصه عليها فلم ترده النار عنها واقتحمها في أثرها فأسرعت فيهما فأدركهما وقد احترقا فأحضرهما إلى الأمير ليراهما فيرى بهما ثمرة إفراط الحرص وإفراط الجبن وهو من أشد الحيوان كبراً وأضيقها خلقاً‏.‏

قال القزويني‏:‏ ولا يكون إلا أنثى وذكرها نوع آخر من حدأة أو شاهينٍ أو غيرهما ولذلك تختلف أشكالها‏.‏

والبازي قليل الصبر على العطش ومأواه مساقط الشجر‏.‏

ومن فضيلته‏:‏ أن الصيد فيه طبيعة لأنه يؤخذ من وكره فرخاً من غير أن يكون يصيد مع أبويه فيصيد ابتداءً وقريحة من غير تضرية بخلاف الصقر فإنه إذا أخذ قبل أن يتصيد مع أبويه لم ينجب ولم يصدن وإذا كان قد لحق أبويه وصاد معهما ثم عود أكثر مما يوجد عنده في تلك الحال وجريء على ما هو أكبر من الظباء اعتاد ذلك ومهر فيه‏.‏

قال صاحب المصايد والمطارد‏:‏ وعدد ريش جناح البازي عشرون ريشة‏:‏ أربع قوادم وأربع مناكب وأربع أبا هر وأربع كلى وأربع خوافٍ ويقال‏:‏ سبع قوادم وسبع خواف وسائره لغب‏.‏

والخوافي أخف من القوادم‏.‏

والمستحب من صفاته‏:‏ صغر المنسر والرأس وغلظ العنق وسعة اللحيين ودائرتي الأذنين والشدقين وسعة الحدقة وطول القوادم وقصر الخوافي والذنب وشدة اللحم وعرض ما بين المنكبين والزور وسعة الحوصلاء وسعة ما ينتقل إليه طعمه وعرض المخالف ورزانة المحمل وغلظ خطوط الصدر وذكاء القلب ولا تشمير وكثرة الأكل وتتابع النهش وسرعة الاستمراء وشدة الانتفاض وضخامة السلاح وبعد الذرق‏.‏

وأن تراه كأنه مقعياً إذا استقبلته على يد حامله تشبيهاً بالغراب الأبقع‏.‏

قال صاحب المصايد والمطارد‏:‏ والمختار من ألوانها الأحمر الأكثر سواداً الغليظ خطوط الصدر والأشهب الشديد الشهبة الشبيه بالأبيض والأصفر المدبج الظهر قال‏:‏ وسواد لسانه أدل على نجابته‏.‏

والبازي يصيد الكلب والأرنب والغزال والكركي وما في معناه والدراج والحجل وسائر الحمام والبط وسائر طيور الماء‏.‏

ومن محاسن البازي‏:‏ عدم الإباق فإنه إن صاد بقي على فريسته وإن لم يصد وقف مكانه فلا يحتاج إلى كد ولا تعب ولا طرد خيل‏.‏

وأول من صاده من الملوك قسطنطين ملك الروم وذلك أنه مر يوماً بلحف جبل فرأى بازيا يطير ثم نزل على شجرة كثيرة الأغصان كبيرة الشوك فأعجبته صورته وراقه حسن لباسه فأمر بأن يصاد له جملة من البزاة فصيدت له وحملت إليه فارتبطها في مجلسه فعرض لبعضها في بعض الأيام أيم فوثب عليه فقتله فقال هذا ملك يغضبه ما يغضب الملوك فنصب له بين يديه كندرة وكان هناك ثعلب داجن وهو الذي يربى في البيوت فوثب عليه فما أفلت إلا جريحاً فقال‏:‏ هذا ملك جبار لا يحتمل ضيماً ثم مر به طائر فكسره ونهش منه فقال‏:‏ هذا ملك نوعه لما جاع أخذ طعامه بسلطان وقدرة فحمله على يده وصاد به‏.‏

الثاني الزرق بضم الزاري المعجمة وتشديد الراء المهملة المفتوحة وقاف في الآخر وهو ذكر البازي‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ وهو يصيد ما يصيد البازي من دق الطير ولا ينتهي إلى صيد الكركي‏.‏

الثالث الفقيمي وهو باز قضيف قليل الصيد ذاهل النفس‏.‏

الرابع الباشق بكسر الشين وفتحها فارسي معرب وهو طائر لطيف وصفاته المحمودة كصفات البازي المحمودة وأفضلها أثقلها وزناً‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ وهو يصيد العصافير وما قاربها‏.‏

وقال في حياة الحيوان‏:‏ إنه يصيد أفخر ما يصيده البازي وهو الدراح والحمام والورشان وإذا قوي على صيده لا يتركه إلا أن الخامس البيدق - وهو دون الباشق وصيده العصافير‏.‏

القسم الثالث من الجوارح الصقور - وهي السود العيون من الجوارح وهي ضربان‏:‏ الضرب الأول‏:‏ الشواهين أحدها شاهين وهي صنفان الأول المشتهر باسم الشاهين وقد ذكر العلماء بالجوارح‏:‏ أن الشواهين هي أسرع الجوارح كلها وأشجعها وأخفها وأحسنها تقلباً وإقبالاً وإدباراً وأشدها ضراوةً على الصيد إلا أنهم عابوها بالإباق وما يعتر بها من شدة الحرص حتى إنها ربما ضربت نفسها على الغلظ من الأرض فماتت وهي أصلب عظاماً من غيرها من سائر الجوارح ويقال‏:‏ إن صدرها عصب مجول ملحم ولذلك تجدها تضرب بصدرها ثم تعلق بكفها وهم يحمدون منها ما قرنص داجناً دون ما قرنص وحشياً‏.‏

ومن كلام بعضهم‏:‏ الشاهين كاسمه يعني كالميزان المسمى بالشاهين فإنها لا تحمل أيسر حال من الشبع ولا أيسر حال من الجوع بل حالها معتدل كاعتدال الميزان ويقال‏:‏ إن الحمام يخافها أكثر مما يخاف غيرها من الصقور‏.‏

ثم المختار من صفاتها فيما ذكره صاحب المصايد والمطارد‏:‏ الأحمر اللون إذا كان عظيم الهامة واسع العينين حادهما سائل السفعتين تام المنسر طويل العنق رحب الصدر ممتليء الزور عريض الوسط جليل الفخذين قصير الساقين قريب العقدة من القفا طويل الجناحين قصير الذنب سبط الكف غليظ دائرة الخصر قليل الريش لينه تام الخوافي ممتليء العكوة رقيق الذنب إذا صلب عليه جناحيه لم يفضل عنهما شيء من ذنبه‏.‏

قال صاحب المصايد والمطارد‏:‏ وأهل الإسكندرية يزعمون أن السود منها هي المحمودة وأن السواد هو أصل لونها وإنما انقلبت إلى لون البراري فحالت قال‏:‏ والحمر منها تكون في الأرياف والمواضع السهلة والشهب في الجبال والبراري ثم قال‏:‏ ولا يصيد منها الكركي والحبرج إلا البحرية‏.‏

وأول من صادها فيما يقال قسطنطين ملك الروم أيضاً وذلك أنه رأى شاهيناً محلقا على طير الماء يصطاده فأعجبه ما عاين من فراهته وسرعة طيرانه وحسن صيده فإنه رآه يحلق في طيرانه حتى يلحق بعنان الجو ثم يعود في طرفه عني فيضرب طير الماء فيأخذه قناصاً فقال‏:‏ ينبغي أن يصاد هذا الطائر ويعلمن فإن كان قابلاً للتعليم ظهر منه أعجوبة في أمر الصيد فأمر بصيده وتعليمه فصيد وعلم وحمله على يده‏.‏

قال في المصايد والمطارد وإنه كان من رتبة ملوك الروم أنه إذا ركب سارت الشواهين حائمة على رأس الملك حتى ينزل فتقع حوله إلى أن ركب بها ملك منهم وسار وهي على رأسه فطار طائر فانقض بعض تلك الشواهين عليه فاقتنصه وأعجب الملك به فضراها على وقال ابن غفير‏:‏ كانت ملوك العرب إذا ركبت في مواكبها طيروا الشواهين فوق رؤوسهم وكان ذلك عندهم هو الرتبة العظيمة‏.‏

الثاني من الشواهين‏:‏ الأنيوه قال في المصايد والمطارد‏:‏ وهو دون الشاهين في القوة وله سرعة لا تزيد على صيد العصافير‏.‏

الضرب الثاني‏:‏ من الصقور ما عدا الشواهين وهي أصناف‏:‏ الأول السنقر قال في التعريف‏:‏ وهو أشرف الجوارح وإن كان لا ذكر له في القديم‏.‏

قال‏:‏ والسناقر تجلب من البحر الشامي مغالي في أثمانها ثم قال‏:‏ وكان الواحد منها يبلغ ألف دينار ثم نزل عن تلك الرتبة وانحط عن تلك الهضبة‏.‏

الثاني المخصوص في زماننا باسم الصقر ويجمع على أصقر وصقور وصقورة قال في التعريف‏:‏ والعرب تسمي هذا النوع الحر ويقال له‏:‏ الأكدر والأجدل‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ ويقال لها‏:‏ بغل الطير لأنها أصبر على الأذى وأحمل لغليظ الغذاء وأحسن إلفاً وأشد إقداماً على جلة الطير ومزاجه أبرد من البازي والشاهين‏.‏

وبسبب ذلك يضرى على الغزال والأرنب ولا يضرى على الطير لأنه يفوته وهو أهدى من البازي نفساً وأسرع استئناساً بالناس وأكثرها قنعاً وأبرد مزاجاً لا يشرب ماء وإن أقام دهراً ونوعه يوصف بالبخر ونتن الفم ومسكنه المغائر والكهوف وصدوع الجبال دون رؤوس الأشجار وأعالي الجبال‏.‏

والعرب تحمد من الصقور ما قرنص وحشياً وتذم ما قرنص داجناً وتقول‏:‏ إنه يتبلد ولا يكاد يفلح‏.‏

وهي تصيد الكركي وما في معناه والبط وسائر طير الماء‏.‏

والصقور من أثبت الجوارح جناناً في الطيران وأحرصها في اتباع الصيد حتى يحكى أن بعض ملوك مصر أرسل صقراً على كركي صبيحة يوم الجمعة بمصر فبينما الناس يصلون الجمعة بدمشق إذا وقع هو والكركي بالجامع الأموي بدمشق فأخذ فوجد فيه لوح السلطان فعرف به فكتب نائب الشام إلى السلطان يخبره وأرسله ِإليه هو وصيده‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ ومن ألوان الصقر كونه أحمرن وأبعث وأحوى وأبيض وأخرج وهو الذي فيه نقط بيض‏.‏

قال‏:‏ ويستحب في الصقر أن يكون أحمر اللون عظيم الهامة واسع العينين تام المنسر طويل العنق رحب الصدر ممتلئ الزور عريض الوسط جليل الفخذين قصير الساقين قريب القعدة من القفا طويل الجناحين قصير الذنب سبط الكف غليظ الأصابع فيروزجها أسود اللسان‏.‏

قال‏:‏ وتجمع هذه الصفات الفراهة والوثاقة والسرعة‏.‏

قال أدهم بن محرز‏:‏ وأول من لعب بالصقر الحارث بن معاوية بن كندة الكندي خرج يوماً إلى الصيد فرأى صيادين قد نصبوا شباكاً عدة فوقع فيها عصافير عدة فحين رآها صقر من الجو انقض عليها يطلبها فأمر الحارث بنصب الشباك للصقور فنصبت لها فاصطاد منها جملة‏.‏

ويقال‏:‏ إن صيد الصقر غير طبيعي لهح وإنما يستفيد ذلك بالتعليم بدليل أن فراخ الباز إذا أخذت من العش وعلمت اصطادت أجود صيد لأن صيدها طبيعي بخلاف الصقر فإنه إذا أخذ من الوكر ثم كبر فإنهلا يصطاد غير طعمه فلذلك ينهى عن تربية الصقر‏.‏

الثالث الكونج - قال في حياة الحيوان‏:‏ نسبته من الصقور كنسبة الزرق إلى البازي إلا أنه أحر منه ولذلك كان أخف جناحاً وأقل بخراً‏.‏

قال‏:‏ ويصيد أشياء من طير الماء ويعجز عن الغزال لصغره‏.‏

الرابع الكوهية - وهي موشاة بالبياض والسواد يخالط لونها صفرة‏.‏

وقال في التعريف‏:‏ وتجلب من البحر‏.‏

الخامس السقاوة - وهي قريبة الشكل من الصقر‏.‏

السادس اليؤيؤ - بضم الياء المثناة تحت وهمزة بعدها وضم الثانية وهمزة بعدها أيضاً‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ وتسميه أهل مصر والشام الجلم وبهذا سماه في التعريف وهو طائر صغير أسود اللون يضرب للزرقة وهي مع صغرها يجتمع الاثنان منها على الكركي فيصيدانه وسموه الجلم أخذاً من الجلم وهو المقص تشبيها به لأن له سرعة كسرعة المقص في قطعه ومزاجه بالنسبة إلى الباشق بارد رطب لأنه أصبر نفساً منه وأثقل حركة‏.‏

وهو يشرب الماء شرباً ضرورياً كما يشربه الباشق ومزاجه بالنسب إلى الصقر حار يابس ولذلك هو أشجع منه‏.‏

ويقال‏:‏ إن أول من ضراه على الصيد واصطاد به بهرام جور - أحد ملوك الفرس - وذلك أنه رأى يويؤاً يطارد قنبرة ويراوغها ويرتفع معها ثم لم يتركها حتى صادها فأمر بتأديبه والصيد به‏.‏

الصنف الثاني الطير الجليل وهو المعبرعنه بطير الواجب وبه تعتني رماة البندق ونحوها تفتخر بإصابته وصرعه ويحتاج إليه في الرسائل الصيدية وفي كتابة قدم البندق ونحوها وهو أربعة عشر طائراً وهي على ضربين‏:‏ الضرب الأول طيور الشتاء - وهي التي يكثؤ وجدانها فيه وهي عشرة طيور‏:‏ الأول الكركي - وهو طائر أغبر طويل الساقين في قدر الإوزة ويجمع على كراكي وفي طبعه خور يحمله على التحارس حتى إنه إذا اجتمع جماعة من الكراكي لا بد لها من حارس يحرسها بالنوبة بينها‏.‏

ومن شأن الذي يحرس منها أن يهتف بصوت خفي كأنه ينذر بأنه حارس فإذا قضى نوبته قام واحد ممن كان نائماً يحرس مكانه حتى يقضي كل منها نوبته من الحراسة ولا تطير متفرقة بل صفاً واحداً يقدمها واحد منها كالرئيس لها وهي تتبعه يكون ذلك حيناً ثم يخلفه آخر منها مقدماً حتى يصير الذي كان مقدماً مؤخراً وفي طبعها التناصر والتعاضد‏.‏

ومن خاصتها أن أنثاها لا تقعد للسفاد بل يسفدها وهي قائمة ويكون سفاده سريعاً كالعصفور‏.‏

وذكر جميع بن عمير التميمي أن الكراكي تبيض في السماء ولا تقع فراخها وكذبه المحدثون في ذلك وإن كان قد روى عنه أهل السنن‏.‏

قال القزويني في عجائب المخلوقات‏:‏ والكركي لا يمشي على الأرض إلا بإحدى رجليه ويعلق الأخرى وإن وضعها وضعاً خفيفاً مخافة أن تخسف به الأرض‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ وهو من أبعد الطير صوتاً يسمع على أميال‏.‏

قال‏:‏ وإذا تقدم مجيئها في الفصل استدل بذلك على قوة الشتاء‏.‏

ويقال‏:‏ إن الكراكي تأتي إلى مصر من بلاد الترك‏.‏

وفي طلبه وصيده تتغالى ملوك مصر تغالياً لا يدرك حده وتنفق في ذلك الموال الجمة التي لا نهاية لها وكان لهم من علو الشأن بذلك مالا يكون لغيرهم‏.‏

وأكله حلال بلا الثاني الإوز - بكسر الهمزة وفتح الواو واحدته إوزة وجمعوه على إوزون والمراد هنا الإوز المعروف بالتركي وهو‏:‏ طير في قدر الإوز البلدي أبيض اللون‏.‏

وله تبختر في مشيته كالحجل‏.‏

وهو من جملة طير الماء مقطوع بحل أكله‏.‏

الثالث اللغلغ وهو دون الإوز في المقدار لونه كلون الإوز الحبشي إلى السواد أبيض الجفن أصفر العين ويعرف في مصر بالعراقي ويأتي إليها في مبادئ طلوع زرعها في زمن إتيان الكراكي إليها ومن شأنها أن يتقدمها واحد منها كالدليل لها ثم قد تكون صفاً واحداً ممتداً كالحبل ودليلها في وسطها متقدم عليها بعض التقدم وقد يصف خلفه صفين ممتدين يلقيانه في زاوية حادة حتى يصير كأنه حرف جيم بلا عراقة متساوية الطرفين ومن خاصتها أنها إذا كبرت حدث في بياض بطونها وصدورها نقط سود والفرخ منها لا يعتريه ذلك‏.‏

الرابع الحبرج - بضم الحاء المهملة وسكون الموحدة وضم الراء المهملة وجيم في الآخر - وهو الحبارى‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ ويقع على الذكر والأنثى ويجمع على حباريات وذكر غيره أن واحده وجمعه سواء وبعضهم يقول‏:‏ إن الحبرج هو ذكر الحباري‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ وهو طائر في قدر الديك كثير الريش ويقال لها‏:‏ دجاجة البر‏.‏

قال في حياة الحيوان‏:‏ وهي طائر طويل العنق رمادي اللون في منقاره بعض طول يقال لذكر الحباري‏:‏ الخرب بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء المهملة وباء موحدة في الآخر ويجمع على خراب وأخراب وخربان‏.‏

ومن خاصته‏:‏ أن الجارح إذا اعتنقها أرسلت عليه ذرقاً حاصلاً معها متى أحبت أرسلته فيه حدة تمعط ريشه ولذلك يقال‏:‏ سلاحها سلاحها‏.‏

قال في حياة الحيوان‏:‏ وهي من أشد الطير طيراناً وأبعدها شوطاً فإنها تصاد بالبصرة فيوجد في حواصلها الحبة الخضراء التي شجرها البطم ومنابتها تخوم بلاد الشام وإذا نتف ريشها وأبطأ نباته ماتت كمداً قال‏:‏ وهي من أكثر الطير جهداً في تحصل الرزق ومع ذلك تموت جوعاً بهذا السبب‏.‏

قال في المصايد والمطارد‏:‏ وهي مما يعاف لأنها تأكل كل شيء حتى الخنافس وقال في حياة الحيوان‏:‏ حكمها الحل لأنها من الطيبات واستشهد له بحديث الترمذي من رواية سفينة مولى رسول الله أنه قال‏:‏ أكلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حبارى ويقال لولدها‏:‏ اليحبور وربما قيل له‏:‏ نهار كما يقال لولد الكروان‏:‏ ليل‏.‏

الخامس التم - بفتح التاء وتشديد الميم - وهو طائر في قدر الإوز أبيض اللون طويل العنق السادس الصوغ - بضم الصاد المهملة وغين معجمة في الآخر وهو طائر مختلط اللون من السواد والبياض أحمر الصدر وأكثر ميله إلى الخضرة والأشجار‏.‏

السابع العناز - بضم العين المهملة وتشديد النون وزاي معجمة في الآخر وهو طائر أسود اللون أبيض الصدر أحمر الرجلين والمنقار‏.‏

الثامن العقاب وقد تقدم ذكره في الكلام على الجوارح حيث هو معدود منها ومن طير الواجب ومما يتعلق بهذا المكان أنها منها‏:‏ الأسود والخوخية والسفع والأبيض والأشقر ومنها ما يأوي الجبال وما يأوي الصاري وما يأوي الغياض وما يأوي حول المدن‏.‏

وقد تقدم ذكر الخلاف في أن ذكرها من جنسها أو من جنس آخر في الكلام على الجوارح‏.‏

وحكمها تحريم الأكل لأنها من ذوات المخلب من الطير واختلف في قتلها هل هو مستحب أم لا فجزم الرافعي والنووي من أصحابنا الشافعية في الحج باستحباب قتلها‏.‏

وجزم النووي في شرح المهذب بأنها من القسم الذي لا يستحب قتله ولا يكره وهو ما يجتمع فيه نفع ومضرة وبه جزم القاضي أبو الطيب رحمه الله‏.‏

التاسع النسر بفتح النون ويجمع في القلة على أنسر وفي الكثرة على نسور وسمي نسراً لأنه ينسر الشيء ويبتلعه‏.‏

والنسر ذو منسر وليس بذي مخلب وإنما له أظفار حداد المخالب وهو يسفد كما يسفد الديك‏.‏

وزعم قوم أن الأنثى منه تبيض من نظر الذكر إليها وهي لا تحضن بيضها وإنما تبيض في الأماكن العالية الظاهرة للشمس فيقوم حر الشمس للبيض مقام الحضن‏.‏

والنسر حاد البصر يرى الجيفة من أربعمائة فرسخ وكذلك حاسة شمه في الغاية ويقال‏:‏ إنه إذا شم الرائحة الطيبة مات لوقته وهو أشد الطير طيراناً وأقواها جناحاً حتى يقال‏:‏ إنه يطير ما بين المشرق والمغرب في يوم واحد وإذا وقع على جيفة وعليها عقبان تأخرت ولم تأكل ما دام يأكل منها وكل الجوارح تخافه وهو في غاية الشره والنهم في الأكل وإذا وقع على جيفة وامتلأ منها لم يستطع الطيران حتى يثب وثبات يرفع بها نفسه طبقة في الهواء حتى يدخل تحت الريح وربما صاده الضعيف من الناس في هذه الحالة‏.‏

والأنثى منه تخاف على بيضها وفراخها الخفاش فتفرش في أوكارها ورق الدلب لتنفر منه الخفاش وهو من أشد الطير حزناً على فراق إلفه حتى إذا فارق أحدهما الآخر مات حزناً‏.‏

وهو من أطول الطير أعماراً حتى يقال‏:‏ إنه يعمر ألف سنة وحكمه تحريم أكله لأنه يأكل الجيف‏.‏

العاشر الأنيسة قال في حياة الحيوان‏:‏ بذلك تسميه الرماة وإنما أسمه الأنيس‏.‏

قال‏:‏ وهو طائر حاد البصر يشبه صوته صوت الجمل ومأواه قرب الأنهار والأماكن الكثيرة المياه الملتفة الأشجار وله لون حسن وتدبير في معاشه‏.‏

وقال أرسطو‏:‏ إنه يتولد من الشقراق والغراب وذلك بين في لونه‏.‏

ويقال‏:‏ إنه يحب الأنس ويقبل الأدب والتربية في صفيره وقرقرته أعاجيب حتى إنه ربما أفصح بالأصوات كالقمري وغذاؤه الفاكهة واللحم وغير ذلك‏.‏

ومن شأنه ألفة الغياض‏.‏

وحكمه الحل لأنه طيب غير مستخبث‏.‏

فإن صح تولده من الشقراق والغراب فينبغي تحريمه‏.‏

والأنيسة ذات ألوان مختلفةٍ بدنها يميل إلى الغبرة وعنقها يشتمل على خضرة وزرقة ويقال‏:‏ إنها أشرف طيور الواجب وأعزها وجوداً‏.‏

الضرب الثاني‏:‏ طيور الصيف وهي التي يكثر وجودها فيه وهي أربعة أطيار‏:‏ الأول الكي بضم الكاف‏:‏ وهو طير أغبر اللون إلى البياض أحمر المنقار والحوصلة رجلاه تضربان إلى السواد‏.‏

الثاني الغرنوق بكسر الغين المعجمة وفتح النون ويقال فيه غرنيق بضم الغين وفتح النون ويجمع على غرانيق‏.‏

قال الجوهري‏:‏ وهو طائر أبيض من طير الماء طويل العنق و تبعه الزمخشري على ذلك‏.‏

وقال أبو وقال صاحب الصايد والمطارد‏:‏ الغرنيق كركي إلا أنه أخضر طويل المنقار وقيل‏:‏ لونه كلون الكركي إلا أنه أسود الصدر والرأس وله ذؤابتان في رأسه‏.‏

وقل‏:‏ ومن خصائها أن ريشها في شبيبتها يكون رمادياً فإذا كبرت اسود وليس ذلك في سائر الطير فإن الريش لا يحول بياضه إلى السواد بل يحول سواده إلى البياض كما في الغربان والعصافير ولخطاطيف‏.‏

الثالث المرزم وهو طير أبيض في أطراف ريشه حمرة طويل الرجلين والعنق وهو حلال الأكل‏.‏

الرابع الشبيطر - بضم الشين المعجمة وفتح الموحدة والطاء المهملة ويسمى‏:‏ اللقلق أيضاً ويعرف بالبلارح وكنيته عند أهل العراق‏:‏ أبو خديج وهو طائر أبيض أسود طرفي الجناحين ورجلاه ومنقاره حمر وهو يأكل الحيات ولكنه يوصف بالفطنة والذكاء‏.‏

وفي حله عند الشافعية وجهان أصحهما في شرح المهذب والورضة‏:‏ الحرمة وإن كان من طير الماء‏.‏

وسيأتي الكلام على ما يحمل من هذه الطيور الأربعة عشر بأعناقه وما يحمل منها بأسيافه فيما يتعلق بمصطلح الرماة في الكلام على كتابة قدم البندق في موضعه إنشاء الله تعالى‏.‏

وطيور الواجب كلها حلال إلا النسر والعقاب‏.‏

الصنف الثالث ماعدا الطير الجليل الضرب الأول ما يحل أكله وهو أنواع كثيرة لا يأخذه الحصر ونحن نقتصر على ذكر المشهور من أنواعه‏.‏

فمنها النعام وهو اسم جنس الواحدة نعامة وهو طائر معروف مركب من صورتي جمل وطائر ولذلك تسميه الترك‏:‏ دواقش بمعنى طير جمل وتسميه الفرس‏:‏ اشتر مرك ومعناه جمل وطائر‏.‏

وتجمع النعامة على نعامات ويسمى ذكرها‏:‏ الظليم‏.‏

ومن المتكلمين على طبائع الحيوان من لم يجعلها طيراً وإن كانت تبيض لعدم طيرانها ومن الناس من يظن أنها متولدة من جمل وطير ولم يصح ذلك‏.‏

ومساكنها الرمل وتضع بيضها سطراً مستطيلاً بحيث لو مد عليها خيط لم تخرج واحدة منها عن الأخرى ثم تعطي كل بيضة منها نصيبها من الحضن لأنها لا تستطيع ضم جميع البيض تحتها وإذا خرجت للطعم فوجدت بيض نعامة أخرى حضنته ونسيت بيضها فربما حضنت هذه بيض هذه وربما حضنت هذه بيض هذه ولذلك توصف في الطير بالحمق ويقال إنها تقسم بيضها أثلاثاً‏:‏ فمنهما تحضنه ومنه ما تجعله غذاءً لها ومنه ما تفتحه وتجعله في الهواء حتى يتولد فيه الدود فتغذي به أفراخها إذا خرجت‏.‏

وليس للنعام حاسة سمع ولكنه قوي الشم يستغني بشمه عن سماعه حتى يقال‏:‏ إنه يشم والعرب تقول‏:‏ إن النعامة ذهبت تطلب قرنين فقطعوا أذنيها‏.‏

وهو لا يشرب ماء وإن طال عليه الأمد ولذلك يسكن البراري التي لا ماء فيها‏.‏

وأكثر ما يكون عدوها إذا استقبلت الريح‏.‏

ومن خصائصها أنها تبتلع العظم الصلب والحجر والحديد فتذيبه معدتها حتى تدفعه كالماء وتبتلع الجمر فيطفئه جوفها وإذا رأت في أذن صغير لؤلؤة أو حلقة اختطفتها‏.‏

وحكمه حل أكله إجماعاً‏.‏

ومن خاصته أن مرارته سم وحي‏.‏

ومنها الإوز بكسر الهمزة وفتح الواو - وهو اسم جنس واحده إوزة وجمعوه على إوزون وهو مما يحب السباحة في البحر وإذا خرج فرخه من البيضة سبح في الحال وإذا حضنت الأنثى قام الذكر يحرسها لا يفارقها ويخرج فرخها في دون الشهر من البيضة‏.‏

وهو من الطيبات وغذاؤه جيد إلا أنه بطيء الهضم‏.‏

ومنها البط - وهو من طيور الماء واحدة بطة للذكر والأنثى وليس بعربي وهو عند العرب من جملة الإوز‏.‏

ومنها القرلى - بكسر القاف - ويسمى‏:‏ ملاعب ظله‏.‏

وهو طائر صغير الجرم من طيور الماء سريع الاختطاف لا يزال مرفرفاً على وجه الماء على جانب كطيران الحدأة يهوي بإحدى عينيه إلى قعر الماء طمعاً ويرفع الأخرى حذراً فإن أبصر في الماء ما يستقل بحمله من السمك أو غيره انقض عليه كالسهم المرسل فأخرجه من قعر الماء وإن أبصر في الجو جارحاً في الأرض‏.‏

وبه يضرب المثل في الإقبال على الخير والإدبار عن الشر فيقال‏:‏ كأنه قرلى إن رأى خيراً تدلى أو رأى شراً تولى‏.‏

ومنها الغطاس - ويقال له‏:‏ الغواص وهو طائر أسود نحو الإوزة يغرص في الماء فيستخرج السمك فيأكله‏.‏

ووهم فيه في حياة الحيوان فجعله‏:‏ القرلى‏.‏

ومنها الدجاج - بفتح الدال المهملة وكسرها وضمها - حكاه ابن معن الدمشقي وابن مالك وغيرهما وأفصحها الفتح وأضعفها الضم والواحدة دجاجة والذكر والأنثى فيه سواء‏.‏

قال ابن سيده‏:‏ وسميت دجاجةً لإقبالها وإدبارها يقال‏:‏ دج القوم إذا مشوا بتقارب خطو وقيل‏:‏ إذا أقبلوا وأدبروا‏.‏

والفرخ يخرج من البيضة بالحضن وتارة بالصنعة والتدفئة بالنار وإذا خرج الفرخ من البيضة خرج كاسياً ظريفاً سريع الحركة يدعى فيجيب ثم كلما مرت عليه الأيام حمق ونقص حسنه‏.‏

ومما يعرف به الذكر من الأنثى في حالة الصغر أن يعلق الفرخ بمنقاره فإن اضطرب فهو ذكر وإلا فهو أنثى‏.‏

والدجاج يبيض في جميع السنة وربما باضت الدجاجة في اليوم مرتين ويتم خلق البيض في عشرة أيام وتخرج لينة القشر فإذا أصابها الهواء تصلبت‏.‏

وتشتمل البيضة على بياض وصفرة ويسمى‏:‏ المح ومن البياض يتخلق الولد والصفرة غذاء له في البيضة يتغذاه من سرته وربما كان للبيضة بياضان ويتخلق من كل بياض فرخ فإذا كبرت الدجاجة لم يبق لبيضها مح وحينئذ فلا يخلق منه فرخ‏.‏

ثم الدجاج من الطيور الدواجن في البيوت‏.‏

وقد ورد في سنن ابن ماجه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه‏:‏ أمر الأغنياء باتخاذ الغنم وأمر الفقراء باتخاذ الدجاج‏.‏

قال عبد اللطيف البغدادي‏:‏ أمر كل قوم من الكسب بحسب مقدرتهم‏.‏

ومن عجيب أمر الدجاجة أنها تمر بها سائر السباع فلا تحاماها فإذا مر بها ابن آوى وهي على سطح رمت نفسها إليه وهي توصف بقلة النوم وسرعة الانتباه ويقال‏:‏ إن ذلك لخوفها وخور طباعها‏.‏

ومن الدجاج نوع يقال له‏:‏ الحبشي أرقط اللون متوحش وربما ألف البيوت‏.‏

والحكم في الجميع الحل‏.‏

ومنها الديك - وهو ذكر الدجاج ويجمع على ديكةٍ وديوك هو أبله الطبيعة حتى إنه إذا سقط من حائط لم يكن له هداية ترشده إلى دار أهله ومع ذلك فقد خصه الله تعالى بمعرفة الأوقات حتى رجح الرافعي من مذهب الشافعي رضي الله عنه اعتماد الديك المجرب وفاقاً للمتولي ومن عجيب أمره أنه يقسط أوقات الليل تقسيطاً لا يخل فيه بشيء طال الليل أم قصر‏.‏

ولكن قد ورد في معجم الطبراني وغيره‏:‏ إن لله سبحانه وتعالى ديكاً أبيض جناحاه موشيان بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب رأسه تحت العرش وقوائمه في الهواء يؤذن كل سحر فيسمع تلك الصيحة أهل السموات وأهل الأرض إلا الثقلين‏:‏ الجن والإنس فعند ذلك تجيبه ديوك الأرض وحينئذ فيكون الديك في ذلك تابعاً‏.‏

وقد ورد عدة أحاديث في النهي عن سب الديك ومدح الديك الأبيض والحث على اتخاذه‏.‏

ومن حميد خصال الديك‏:‏ أنه يسوي بين دجاجه ولا يؤثر واحدة على الأخرى‏.‏

ويقال‏:‏ إنه يبيض في السنة بيضة ويفرق بين بيضته وبيضة الدجاج أن بيضته أصغر من بيضة الدجاج وهي مدورة لا تحديد في رأسيها‏.‏

ومنها القطا - بفتح القاف - وهو طائر معروف واحده قطاة ويجمع على قطوات وقطيات وأكثر ما يبيض ثلاث بيضات ويسمى قطاً لحكاية صوته لأنه يصيح قطا قطا ولذلك تصفها العرب بالصدق‏.‏

قال الجوهري‏:‏ وهو معدود من الحمام وبه قال ابن قتيبة وعليه جرى الرافعي في الحج والأطعمة قال الشيخ محب الدين الطبري‏:‏ والمشهور خلافه‏.‏

ثم القطا نوعان‏:‏ كدري وجوني و زاد الجوهري نوعاً ثالثاً وهو الغطاط فالكدري‏:‏ غبر اللون رقش البطون والظهور صفر الحلوق قصار الأذناب‏.‏

والجوني‏:‏ سود بطون الأجنحة والقوادم وظهرها أغبر أرقط تعلوه صفرة وهي أكبر جرماً من الكدري تعدل كل جونية كدريتين والكدرية تفصح باسمها في صياحها والجونية لا تفصح بل تقرقر بصوت في حلقها‏.‏

ومن خاصتها أنها لا تسير إلا جماعة‏.‏

ومن طبعها أنها تبيض في القفر على مسافة بعيدة من الماء وتطلب الماء من مسافة عشرين ليلة وفوقها ودونها وتخرج من أفاحيصها في طلب الماء عند طلوع الفجر فتقطع إلى حين طلوع الشمس مسيرة سبع مراحل فترد الماء فتشرب ثم تقيم على الماء ساعتين أو ثلاثاً ثم تعود إلى الماء ثانية‏.‏

والجونية تخرج إلى الماء قبل الكدرية وهي توصف بالهداية فتأتي أفاحيصها ليلاً ونهاراً فلا تضل عنها وتوصف بحسن المشي وبقلة النوم‏.‏

ومنها الكروان - بفتح الكاف والراء - وهو طائر في قدر الدجاجة طويل الرجلين حسن الصوت لا ينام الليل ويجمع على كروان - بكسر الكاف - والأنثى‏:‏ كروانة‏.‏

ومنها الحجل بفتح الحاء المهملة والجيم - وهو طائر على قدر الحمام كالقطا أحمر المنقار والرجلين ويسمى‏:‏ دجاج البر ويقع على الذكر والأنثى وقد يقال له‏:‏ القبج أيضاً - بفتح القاف وسكون الموحدة وجيم في الآخر - يقال للذكر والأنثى منه‏:‏ قبجة ويسمى الذكر منه‏:‏ اليعقوب‏.‏

والقبج - بفتح القاف والموحدة وجيم في الآخر - ويقال في الأنثى منه‏:‏ حجلة وهو صنفان‏:‏ نجدي وتهامي فالنجدي أحمر الرجلين والتهامي فيه بياض وخضرة ومن شأنه أنه يأتي إلى مصر عند هيجان زرعها ويصيح صياحاً حسناً تقول العامة‏:‏ إنه يقول في صياحه‏:‏ ‏"‏ طاب دقيق السبل ‏"‏‏.‏

ومن شان الأنثى منه إذا لم تلقح أنها تتمرغ في التراب وتصبه على أصول ريشها فتلقح ويقال‏:‏ إنها تلقح بسماع صوت الذكر وبريح يهب من قبله وإذا باضت ميز الذكر الذكور منها فحضنها وتحضن الأنثى الإناث وكذلك في التربية‏.‏

وفرخها يخرج كاسياً بزغب الريش كما في الدجاج‏.‏

وفي المصايد والمطارد‏:‏ أن القبج كثير السفاد وأنه إذا اشتغلت عنه الأنثى ورأى بيضها كسره‏.‏

قال التوحيدي‏:‏ ويعيش الحجل عشر سنين ويعمل عشين يجلس الذكر في واحد والأنثى في واحد وهو من أشد الطيور غيرة على أنثاه حتى إن الذكرين ربما قتل أحدهما الآخر بسبب الأنثى فمن غلب منهما دانت له‏.‏

ومن طبعه أنه يأتي عش غيره فيأخذ بيضه ويحضنه فإذا طارت الفراخ لحقت بأمهاتها التي باضتها وفيه من قوة الطيران ما يظنه من لم يحققه عند طيرانه أنه حجر رمي بمقلاع لسرعته‏.‏

ومنها القمري - بضم القاف وسكون الميم - وهو طائر معروف حسن الصوت ويجمع على قماري غير مصروف‏.‏

قال في المحكم‏:‏ ويجمع على قمر أيضاً والأنثى منه قمرية ويقال للذكر منه‏:‏ الورشان بفتح الواو والراء المهملة والشين المعجمة ويقال له أيضاً‏:‏ ساق حر‏.‏

قال البطليوسي‏:‏ وسمي ساق حر لصوته كأنه يقول ذلك ويكنى‏:‏ أبا الأخضر وأبا عمران وأبا الناجية‏.‏

قال ابن السمعاني‏:‏ والقمري منسوب إلى القمر وهي بلدة تشبه الجص لبياضها قال‏:‏ وأظنها بمصر‏.‏

وقال ابن سيده القمري طير صغير وعدة في المحكم من الحمام‏.‏

ويقال‏:‏ إن الهوام تهرب من صوت القماري‏.‏

قال القزويني‏:‏ ومن خاصية القماري أنها إذا ماتت ذكورها لم تتزاوج إناثها‏.‏

والورشان الذي هو ذكر القمري يوصف بالحنو على أولاده حتى إنه ربما قتل نفسه إذا رآها في يد القانص‏.‏

قال عطاء‏:‏ وهو يقول في صياحه‏:‏ لدوا للموت وابنو للخراب ومنه نوع أسود حجازي يقال له‏:‏ النوى شجي الصوت جداً‏.‏

ومنها الفاختة - بالفاء والخاء المعجمة والتاء المثناة والجمع الفواخت بفتح الفاء وكسر الخاء وهي طائر من ذوات الأطواق حجازية في قدر الحمام حسنة الصوت ويقال‏:‏ إن الحيات تهرب من صوتها حتى يحكى أن الحيات كثرت بأرض فشكا أهلها ذلك إلى بعض الحكماء فأمرهم بنقل الفواخت إليها فانقطعت الحيات عنها‏.‏

وفي طبعها الأنس بالناس وتعيش في الدور إلا أن العرب تسمها بالكذب فإن صوتها عندهم تقول فيه‏:‏ هذا أو إن الرطب وهي تقول ذلك والنخل لم يطلع بعد ولذلك تقول العرب في أمثالهم‏:‏ أكذب من فاختةٍ‏.‏

ومنها الدبسي بضم الدال وهو طائر صغير منسوب إلى دبس الرطب بكسر الدال وذلك أنهم يغيرون في النسب فيقولون في النسبة إلى الدهر‏:‏ دهري ونحو ذلك وهو ضرب من الحمام‏.‏

ثم هو أصناف‏:‏ مصري وحجازي وعراقي وكلها متقاربة لكن أفخرها المصري ولونه الدكنة وقيل‏:‏ هو ذكر اليمام‏.‏

وفي الصيف له مصيف لا يعرف له وكر‏.‏

ومنها الشفنين بفتح الشين المعجمة وسكون الفاء ونون مكسورة بعدها ياء مثناة تحت ثم نون وهو الذي تسميه العامة بمصر‏:‏ اليمام وهو دون الحمام في المقدار ولونه الحمرة مع كمودةٍ وفي صوته ترجيع وتحزين‏.‏

ومن شأنها أنها تحسن أصواتها إذا اختلطت‏.‏

ومن طبعه أنه إذا فقد أنثاه لم يزل أعزب إلى أن يموت وكذلك الأنثى إذا فقدت ذكرها وفيه ألفة للبيوت وعنده احتراس‏.‏

ومنها الدراج بفتح الدال وكنيته أبو الحجاج وأبو خطار وهو طائر ظاهر جناحية أغبر وباطنهما أسود على خلقة القطا إلا أهه ألطف‏.‏

وهو يطلق على الذكر والأنثى‏.‏

والجاحظ يعده من جنس الحمام لأنه يجمع بيضه تحت جناحه كما يفعل الحمام‏.‏

والناس يعبرون عن صوته بأنه يقول‏:‏ بالشكر تدوم النعم‏.‏

ويقال‏:‏ إنه طائر مبارك وهو كثير النتاج يبشر بقدوم الربيع وهو يصلح بهبوب الشمال وصفاء الهواء ويسوء حاله بهبوب الجنوب حتى لا يقدر على الطيران‏.‏

ومنها العصفور بضم العين - وحكى ابن رشيق في كتاب الغرائب‏:‏ فتحها والأنثى‏:‏ عصفورة وكنيته‏:‏ أبو الصفو وأبو محرز وأبو مزاحم وأبو يعقوب‏.‏

قال حمزة‏:‏ سمي عصفوراً لأنه عصى وفر وهو أنواع كثيرة وأشهرها المعروف بالدوري ووكره العمران تحت السقوف خوفاً من الجوارح فإذا خلت مدينة من أهلها ذهبت العصافير منها وهو كثير السفاد حتى إنه ربما سفد في الساعة الواحدة مائ مرة ولفرخه تدرب على الطيران حتى إنه يدعى فيجيب‏.‏

قال الجاحظ‏:‏ بلغني أنه يرجع من فرسخ‏.‏

ومنها الشحرور بفتح الشين المعجمة وسكون الحاء المهملة وهو طائر أسود فويق العصفور له صوت شجي ويكون بأرض الشام كثيراً‏.‏

ومنها الهزار بفتح الهاء والزاي المعجمة طائر نحو العصفور له صوت حسن ويسمى العندليب أيضاً ويجمع على عنادل‏.‏

ومنها البلبل بضم الموحدتين وسكون اللام الأولى والثانية وهو طائر أسود فوق العصفور والحجري منه فوق ذلك ويقال له‏:‏ النغر بضم العين المهملة ومثناة فوقية في الآخر والجميل بضم الجيم وقد ثبت في الصحيحين من رواية أنس رضي الله عنه أنه قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً وكان لي أخ لأمي فطيم يقال له‏:‏ عمير فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءنا قال‏:‏ يا أبا عمير ما فعل النغير لنغر كان يلعب به‏.‏

ومنها السماني بضم السين المهملة وفتح النون ولا تشدد ميمه وهو طائر معروف فوق العصفور ويجمع على سمانيات وهو من الطيور التي لا يعرف من أين تأتي بل يأتي في البحر الملح يغوص بأحد جناحيه في الماء ويقيم الآخر كالقلع للسفينة فتدفعه الريح حتى يأتي الساحل وكثيراً ما يوجد ببلاد السواحل وله صوت حسن‏.‏

ومن شأنه أنه يسكت في الشتاء فإذا أقبل الربيع صاح‏.‏

ومنها الحسون وتسميه أهل الجزيرة والشأم وحلب وتوابعها‏:‏ زقيقية وهو طائر فطن ويسميه الأندلسيون‏:‏ أبو الحسن والمصريون‏:‏ أبو زقاية وربما أبدلوا الزاي منه سيناً وهو عصفور ذو ألوان‏:‏ حمرة وصفرة وبياض وسواد وزرقة وخضرة وهو قابل للتعليم يعلم أخذ الشيء كالفلس ومنها أبو براقش بكسر القاف وبالشين المعجمة وهو طائر كالعصفور يتلون ألواناً وبه يضرب المثل في التلون‏.‏

ومنها الزراغ بزاي وغين معجمتين بينهما ألف وهو ضرب من الغربان صغير أخضر اللون لطيف الشكل حسن المنظر وقد يكون أحمر المنقار والرجلين وهو الذي يقال له‏:‏ غراب الزيتون سمي بذلك لأنه يأكل الزيتون‏.‏

ومنها الغداف بضم الغين المعجمة وبالدال المهملة والفاء في آخره وهو غراب الغيط ويجمع على غدفان بكسر الغين‏.‏

قال ابن فارس‏:‏ هو الغراب الضخم‏.‏

وقال العبدري‏:‏ هو غراب صغير أسود لونه كلون الرماد‏.‏

وقد قال النووي في الروضة بتحريمه وإن كان الرافعي قد جزم بحله ورجحه صاحب المهمات‏.‏

ومنها غراب الزرع وهو غراب أسود المنقار‏.‏

وفيه وجه بالتحريم‏.‏

الضرب الثاني ما يحرم أكله وهوأواع كثيرة أيضاً‏:‏ منها الطاوس ويجمع على طواويس وهو طائر في نحو مقدار الإوزة حسن اللون والذكر منه غاية في الحسن له في رأسه رياش خضر قاتمة كالشربوش وفي ذنبه ريش أخضر طويل في أحسن منظر وليس للأنثى شيء من ذلك وهو في الطير كالفرس في الدواب عزاً وحسناً وفي طبعه الزهو بنفسه والخيلاء والإعجاب بريشه والأنثى منه تبيض بعد ثلاث سنين من عمرها وفي هذا الحد يكمل ريش الذكر ويتم لونه‏.‏

وبيضه مرة واحدة في السنة ويكون بيضه من اثنتي عشرة بيضة إلى ما حولها ولا يبض متتابعاً‏.‏

وسفاده في أيام الربيع‏.‏

وفي الخريف يلقي ريشه كما يلقي الشجر ورقه حينئذ فإذا بدا طلوع أوراق الأشجار طلع ريشه‏.‏

وهو كثير العبث بالأنثى إذا حضنت وربما كسر بيضها ولذلك يحضن بيضه تحت الدجاج لكن لا تقوى الدجاجة على حضن أكثر من بيضتين منها وتتعاهد الدجاجة بالطعمة والسقية وهي راقدة عليه كيلا تقوم عنه فيفسد بالهواء إلا أن ما تحضنه الدجاجة يكون ناقص الجثة عما تحضنه أنثاه وليس له من الحسن والبهجة ما لذلك ومدة حضنه ثلاثون يوماً وفرخه يخرج من البيضة كالفروج كاسياً بالريش يلقط الحب للحال‏.‏

ومنها السمندل بفتح السين المهملة والميم وسكون النون وبفتح الدال المهملة ولام في الآخر وقال الجوهري‏:‏ السندل بغير ميم‏.‏

وقال ابن خلكان‏:‏ السمند بغير لام وهو طائر يكون بأرض الصين والهند ومن خاصته أنه لا تؤثر النار فيه حتى يقال‏:‏ إنه يبيض ويفرخ فيها ويستلذ بمكثه فيها‏.‏

ويتخذ من ريشه مناديل ونحوها فإذا اتسخت ألقيت في النار فتأكل النار وسخها ولا تتأثر قال ابن خلكان في ترجمة يعقوب بن صابر المنجنيقي‏:‏ رأيت منه قطعة ثخينة منسوجة على هيئة حزام الدابة في طوله وعرضه فألقيت في النار فما أثرت فيها فغمس أحد جوانبها في الزيت وجعل في النار فاشتعل وبقي زماناً طويلاً ثم أطفئ وهو على حاله لم يتغير‏.‏

قال‏:‏ ورأيت بخط عبد اللطيف البغدادي‏:‏ أنه أهدي للظاهر ابن السلطان صلاح الدين صاحب حلب قطعة منه عرض ذراع في طول ذراعين فغمست في الزيت وقربت من النار فاشتعلت حتى فني الزيت ثم عادت بيضاء كما كانت‏.‏

وبعضهم يقول‏:‏ إنه وحش كالثعلب وإن ذلك يعمل من وبره‏.‏

ومنها البيغاء بباءين مفتوحتين الأولى منهما مخففة والثانية مشددة وغين معجمة بعدها ثم ألف وهو المعبر عنه بالدرة بدال مهملة مضمومة وقال ابن السمعاني في الأنساب‏:‏ هي بإسكان الباء الثانية وهي طائر أخضر اللون في قدر الحمام يحاكي ما يسمعه من اللفظ ثم هي على ضربين‏:‏ هندي وهي أكبر جثة ومنقارها أحمر ونوبي وهي دونها منقارها أسود ويقال‏:‏ إن منها نوعاً أبيض ويذكر أنه أهدي لمعز الدولة ابن بويه ببغاء بيضاء اللون سوداء المنقار والرجلين على رأسها ذؤابة فستقية‏.‏

وهي طائر دمث الأخلاق ثاقب الفهم له قوة على حكاية الأصوات وقبول التلقين تتخذه الملوك والأكابر لينم بما يسمع‏.‏

ومن شأنه أنه يتناول طعمه برجله كما ومنها أبو زريق بزاي مضمومة ثم راء مهملة وفي آخر قاف ويقال له‏:‏ القيق بكسر القاف والزرياب بزاي معجمة مكسورة ثم راء مهملة ساكنة ثم ياء مثناة تحت وبعد الألف باء موحدة وهو طائر ألوف للناس يقبل التعليم سريع الإدراك لما يعلم وقد يزيد على الببغاء إذا أنجب بل إذا تعلم جاء بالحروف مبينة حتى يظن سامعه أنه إنسان بخلاف الببغاء فإنها لا تفصح كل الإفصاح‏.‏

ومن غريب ما يحكى في أمره ما حكاه صاحب منطق الطير‏:‏ أن رجلاً خرج من بغداد ومعه أربعمائة درهم لا يملك غيرها فوجد في طريقه عدة من فراخه فاشتراها بما معه ثم رجع إلى بغداد فعلقها في أقفاص في حانوته فهبت عليها ريح باردة فماتت كلها إلا واحداً كان أضعفها وأصغرها فثقل ذلك عليه وبات ليلته تلك يبتهل إلى الله تعالى بالدعاء وينادي‏:‏ يا غياث المستغيثين أغثني‏!‏ فلما أصبح إذا ذلك الفرخ الذي بقي يصيح بلسان فصيح‏:‏ يا غياث المستغيثين أغثني فاجتمع الناس عليه يسمعون صوته فاجتازت جارية للخليفة فاشترته منه بألف درهم‏.‏

ومنها الهدهد بضم الهاءين وإسكان الدال المهملة بينهما وهو طائر معروف ذو خطوط موشية وألوان ويجمع على هداهد‏.‏

ويذكر عنه أنه يرى الماء من باطن الأرض كما يراه الإنسان في باطن الزجاج قوة ركبها الله تعالى فيه ولذلك عني به سليمان عليه السلام مع صغره كما قال البهيقي في شعب الإيمان ويقال‏:‏ إنه كان ذليلاً لسليمان عليه السلام على الماء وقصته مع سليمان مذكورة في التنزيل‏.‏

وقد ذكر الزمخشري أن سبب تخلفه عن سليمان أنه رأى هدهداً آخر فحكى له عظيم ملك سليمان فحكى له ذلك الهدهد عظيم ملك بلقيس باليمن فذهب ليكشف الخبر فلم يرجع إلا بعد العصر فلما عدا إليه توعده فإوخى رأسه وجناحيه تواضعاً بين يديه وقال‏:‏ يا نبي الله اذكر وقوفك بين يدي الله‏!‏ فارتعد سليمان وعفا عنه‏.‏

ومنها الخطاف بضم الخاء المعجمة ويجمع على خطاطيف وهو طائر في قدر العصفور أسود وباطن جناحيه إلى الحمرة والناس يسمونه عصفور الجنة لأنه يعرض عن أقواتهم ويقتات البعوض والذباب‏.‏

ومن شأنه السكنى في البيوت المعمورة بالناس في أفاحيص يبنيها من الطين ويختار منها السقوف والأماكن التي لا يصل إليه فيها أحد‏.‏

وقد ذكر الثعلبي في تفسيره في سورة النمل‏:‏ أن سبب قرب الخطاطيف من الناس أن الله تعالى لما أهبط آدم إلى الأرض استوحش فآنسه الله تعلى بالخطاف وألزمه البيوت فهو لا يفارق بني آدم أنسالهم‏.‏

والخفاش يعاديه فلذلك إذا أفرخ جعل في عشه قضبان الكرفس لينفر الخفاش ومن عادته أنه لا يفرخ في عشر عتيق حتى يطينه بطين جديد ولا يلقي شيئاً من ذرقه في عشه بل يلقيه إلى ما شاء‏.‏

وإذا سمع حس الرعد يكاد يمو‏.‏

ويوجد في عشه حجر اليرقان وهو حجر صغير فيه خطوط بين الحمرة والسواد إذا علق على من به اليرقان أو شرب من سحالته بريء وإنما يأتي بهذا الحجر إذا أصاب فراخه اليرقان ولذلك يحتال بعض الناس بلطخ فراخه بالزغفران ليظن أن اليرقان قد أصابها فيأتي إليها بهذا الحجر فيؤخذ منه‏.‏

ومن الخطاطيف نوع آخر الطف قدراً من هذا يسكن شطوط الأنهار وجوانب المياه‏.‏

وعدوا من أنواعه أيضاً الذي يسميه أهل مصر‏:‏ الخضيري وهو طائر أخضر دون الببغاء في المقدار لا يزال طائراً وهو يصيح يقتات الفراش والذباب‏.‏

ومنها الصرد - بضم الصاد وفتح المهملة ودال مهملة في الآخر ويجمع على صردان قال ابن قتيبة‏:‏ وسمي صرداً حكاية لصوته ويسمى‏:‏ الواق - بكسر القاف - وكنيته‏:‏ أبو كثير وهو طائر فوق العصفور نصفه أبيض ونصفه أسود ضخم الرأس ضخم المنقار والبراثن لا يرى إلا في شعفة أو شجرة بحيث لا يقدر عليه أحد وله صفير مختلف‏.‏

ومن شأنه أنه يصيد العصافير وما في معناها فيصفر لكل طير يريد صيده بلغته يدعوه إلى التقرب منه فيثب عليه فيأكله‏.‏

والعرب بتتشاءم به وتنفر من صياحه‏.‏

وهو مما وردت الشريعة ومنها العقعق - بعينين مهملتين ومفتوحتين بينهما قاف ساكنة - وربما قيل فيه‏:‏ القعقع على القلب‏.‏

قال الجاحظ‏:‏ سمي بذلك لأنه يعق فراخه فيتركهم أياماً بلا طعم‏.‏

ويقال لصوته‏:‏ العقعقة وهو طائر على قدر الحمامة في شكل الغراب وجناحاه أكبر من جناحي الحمامة ذو لونين‏:‏ أبيض وأسود طويل الذنب‏.‏

ومن شأنه أنه لا يأوي تحت سقف ولا يستظل به بل يهيء وكره في المواضع المشرفة وفي طبعه الزنا والخيانة ويوصف بالسرقة والخبث‏.‏

وإذا رأى حلياً أو عقداً اختطفه والعرب تضرب به المثل في جميع ذلك‏.‏

وإذا باضت الأنثى منه أخفت بيضها بورق الدلب خوفاً عليه من الخفاش فإنه متى قرب من البيض مذر وتغير من ساعته‏.‏

ويقال‏:‏ إنه يخباً قوته كما يخبؤه الإنسان والنملة إلا أنه ينسى ما يخبؤه‏.‏

وبعضهم يعده في جملة الغربان‏.‏

وفيه وجه عندنا بحل أكله‏.‏

ومنها الشقراق بفتح الشين المعجمة وسكون القاف وألف بين الراء المهملة والقاف الثانية - ويجوز فيه كسر الشين أيضاً وربما قلبوه فقالوا‏:‏ الشرقاق ويسمى‏:‏ الأخيل أيضاً وهو طائر صغير بقدر الحمام أخضر مشبع الخضرة حسن المنظر في أجنحته سواد‏.‏

والعرب تتشاءم به‏.‏

وفي طبعه الشره حتى إنه يسرق فراخ غيره‏.‏

وعده الجاحظ نوعاً من الغربان ويكثؤ ببلاد الشام والروم وخراسان ولا يزال متباعداً من الإنس يألف الروابي ورؤوس الجبال إلا أنه يحضن بيضه في عوالي العمران التي لا تنالها الأيدي‏.‏

وعشه شديد البنيان وله مشتى ومصيف‏.‏

قال الجاحظ‏:‏ وهو كثير الاستغاثة إذا مر به طائر ضربه بجناحه وصاح كأنه هو المضروب‏.‏

وفيه وجه بحل أكله‏.‏

ومنها الغراب الأبقع - قال الجوهري‏:‏ وهو الذي فيه بياض وسواد ويسمى‏:‏ غراب البين أيضاً قال صاحب المجالسة‏:‏ سمي بذلك لأنه بان عن نوح عليه السلام حين أرسله لينظر الماء فذهب ولم يرجع قال ابن قتيبة‏:‏ وجعل يسفدها مواجهة ملقاة على ظهرها والأنثى تبيض أربع بيضات وخمساً وإذا خرجت الفراخ من البيض نفر عنها الأبوان لبشاعة منظرها حينئذ فتغتذي من البعوض والذباب الكائن في عشها حتى ينبت ريشها فيعود الأبوان إليها وعلى الأنثى الحضن على الذكر أن يأتيها بالطعم‏.‏

وفيه حذر شديد وتناصر حتى إنه إذا صاح الغراب مستنصراً اجتمع إليه عدة من الغربان‏.‏

ومنها الغراب الأسود الكبير وهو الجبلي‏.‏

وفيه وجه بحله‏.‏

ومنها الحدأة بكسر الحاء والهمز الطائر المعروف ويجمع على حدإ وحدءان‏.‏

ومن ألوانها السود والرمد‏.‏

وهي لا تصيد بل تخطف‏.‏

ومن طبعها أنها تصف في الطيران وليس ذلك لشيء من الكواسر غيرها‏.‏

وزعم ابن وحشية وابن زهر‏:‏ أن الحدأة والعقاب يتبدلان فتصير الحدأة عقاباً والعقاب حدأة‏.‏

وربما قيل‏:‏ الغراب بدل العقاب‏.‏

ويقال إنها تصير سنة ذكراً وسنة أنثى‏.‏

ويقال إنها أحسن الطير مجاورة لما جاورها من الطير حتى لو ماتت جوعاً لا تعدو على فرخ جارتها‏.‏

وفي طبعها أنها إنما تختطف ممن تختطف منه من يده اليمنى دون اليسرى حتى يقال‏:‏ إنها عسراء‏.‏

وقد ثبت في الصحيحين حل قتلها في الحل والحرم‏.‏

ومنها الرخمة - بفتح الراء المهملة والخاء المعجمة - وكنيتها‏:‏ أم جعران وأم رسالة وأم عجيبة وأم قيس وأم كصير‏.‏

ويقال لها‏:‏ الأنوق - بفتح الهمزة وهي طائر أبقع ببياض وسواد فوق الحدأة في المقدار تأكل الجيف‏.‏

وهي معدودة في بغاث الطير‏.‏

وهي تسكن رؤوس الجبال العالية وأبعدها من أماكن أعدائه ولذلك تضرب العرب المثل ببيضه فيقولون‏:‏ أعز من بيض الأنوق والأنثى لا تمكن من نفسها غير ذكرها وتبيض بيضة واحدة وربما باضت بيضتين‏.‏

ومنها البومة بضم الباء الموحدة وفتح الميم - للذكر والأنثى وهو طائر من طير الليل في قدر الإوزة لها وجه مستدير بالريش النابت حوله يشبه وجه الآدمي في صفرة عينين وتوقدهما‏.‏

ويقال للذكر منها‏:‏ والطير بجملته يعاديها من أجل ذلك فإذا رأوها في النهار قتلوها ونتفوا ريشها ومن ثم يجعلها الصيادون في شباكهم ليقع عليها الطير فيقتنضونها فهي لا تظهر بالنهار لذلك‏.‏

ونقل المسعودي في مروج الذهب عن الجاحظ أنها إنما تمتنع من ظهورها في النهار خوفاً من أن تصاب بالعين لحسنها وجمالها لأنها تصور في نفسها أنها أحسن الحيوان‏.‏

ومن طبعها سكنى الخراب دون العامر‏.‏

ومن غريب ما يحكى ما ذكره الطرطوشي في سراج الملوك‏:‏ أن عبد الملك بن مروان أرق ليلة فاستدعى نميراً يحدثه فكان مما حدثه أن قال‏:‏ يا أمير المؤمنين كان بالبصرة بومة وبالموصل بومة فخطبت بومة الموصل إلى بومة البصرة بنتها لابنها فقالت بومة البصرة‏:‏ لا أفعل حتى تجعلي في صداقها مائة ضيعة خراب فقالت بومة الموصل‏:‏ لا أقدر على ذلك الآن ولكن إن دام والينا سلمه الله علينا سنة واحدة فعلت فاستيقظ لها وجلس للمظالم‏.‏

ومنها البؤة بضم الباء وفتح الهمزة - قال الجوهري‏:‏ وهو طائر يشبه البومة إلا أنه أصغر منها‏.‏

وذكر ابن قتيبة في أدب الكاتب نحوه ويقال له البوهة أيضاً وهي من طير الليل أيضاً‏.‏

ولا يخفى أنها التي يسميها الناس في زماننا المصاصة ويزعمون أنها على الأطفال فتمص أنوفهم‏.‏

ومنها الخفاش - بضم الخاء المعجمة وتشديد الفاء وبالشين المعجمة ويجمع على خفافيش - وهو طائر غريب الشكل والوصف لا ريش عليه وأجنحته جلدة لا صقة بيديه وقيل لا صقة بجنبه‏.‏

وسمي خفاشاً لأنه لا يبصر نهاراً وبه سمي الرجل‏:‏ أخفش والعامة تسميه الوطواط وقيل‏:‏ الخفاش الصغير والوطواط الكبير ويقال‏:‏ إن الوطواط هو الخطاف لا الخفاش‏.‏

وليس هو من الطير في شيء فإن له أسناناً وخصيتين ويحيض ويضحك كما يضحك الإنسان ويبول كما تبول ذوات الأربع ويرضع ولده من ثديه‏.‏

ولما كان لا يبصر نهارً التمس وقتاً يكون بين الظلمة والضوء وهو قريب غروب الشمس لأنه وقت هيجان البعوض فالبعوض يخرج في ذلك الوقت يطلب قوته من دماء الحيوان والخفاش يخرج لطلب الطعم فيقع طالب رزق على طالب رزق‏.‏

ويقال‏:‏ إنه هو الذي خلقه المسيح عليه السلام من الطين ونفخ فيه فكان طيراً بإذن الله‏.‏

قال بعض المفسرين‏:‏ ومن أجل ذلك كان مبايناً لغيره من الطيور ولذلك سائر الطيور مبغضة له وتسطو عليه فما كان منها يأكل اللحم أكله وما كان منها لا يأكل اللحم قتله وهو شديد الطيران سريع التقلب يقتات البعوض والذباب وبعض الفواكه‏.‏

وهو موصوف بطول العمر حتى يقال‏:‏ إنه أطول عمراً من النسر وتلد الأنثى ما بين ثلاثة أفراخ وسبعة وكثيراً ما يسفد وهو طائر في الهواء‏.‏

وهو يحمل ولده معه إذا طار تحت جناحه وربما قبض عليه بفيه حنوا عليه وربما أرضعت الأنثى ولدها وهي طائرة‏.‏

وفي فإذا عرف الكاتب أحوال الطير وخواصها تصرف فيها بحسب ما يحتاج إليه في نظمه ونثره كما في قول الشاعر‏:‏ وإذا السعادة لاحظتك عيونها نم فالمخاوف كلهن أمان واصطد بها العنقاء فهي حبائل واقتد بها الجوزاء فهي عنان إشارة إلى عظم العنقاء وعدم القدرة على مقاومتها ومع ذلك تنقاد بالسعد‏.‏

وكما في قول أبي الفتح كشاجم مخاطباً لولده يطلب البرمنه‏:‏ اتخذ في خلة في الكراكي أتخذ فيك خلة الوطواط أنا إن لم تبرني في عناء فببري ترجو جواز السراط يشير إلى ما تقدم من أن في طبع الكركي بر والديه إذا كبرا كما أن في طبع الوطواط بر أولاده بحيث يحملها معه إلى حيث توجه وكما في قول الشاعر‏:‏ مثل النهار يزيد إبصار الورى نوراً ويعمي أعين الخفاش إشارة إلى أن الخفاش لا يبصر نهاراً بخلاف سائر أرباب الأبصار وكما قيل في وصف شارد عن القتال‏:‏ وهم تركوه أسلح من حبارى رأى صقراً وأشرد من نعام يريد ما تقدم مما يعرض للحبارى من إرسالها سلحها على الجارح عند اقتناصه لها وأن النعام في غاية ما يكون في البرية من الشراد والنفار ونحو ذلك مما يجري هذا المجرى‏.‏

الصنف الرابع الحمام وقد اختلف في الحمام في أصل اللغة فنقل الأزهري عن الشافعي رضي الله عنه أن الحمام يطلق على كل ما عب وهدر وإن تفرقت أسماؤه فيدخل فيه الحمام واليمام والدباسي والقماري والفواخت وغيرها‏.‏

وذهب الأصمعي إلى أن الحمام يطلق على كل ذات طوق كالفواخت والقماري وأشباهها‏.‏

ونقل أبو عبيد عن الكسائي سماعاً منه أن الحمام هو الذي لا يألف البيوت وأن اليمام هو الذي يألف البيوت لكن الذي غلب عليه إطلاق الحمام هذا النوع المخصوص المعروف‏.‏

ثم هو على قسمين‏:‏ أحدهما ما ليس له اهتداء في الطيران من المسافة البعيدة‏.‏

والثاني ما له اهتداء ويعرف بالحمام الهدي وهو المراد هنا وقد اعتنى الناس بشأنه في القديم والحديث واهتم بأمره الخلفاء كالمهدي ثالث خلفاء بني العباس والواثق والناصر وتنافس فيه رؤساء الناس بالعراق لاسيما بالبصرة‏.‏

فقد ذكر صاحب الروض المعطار‏:‏ أنهم تنافسوا في اقتنائه ولهجوا بذكره وبالغوا في أثمانه حتى بلغ ثمن الطائر الفاره منها سبعمائة دينار وكانت تباع بيضة الطائر المشهور بالفراهة بعشرين ديناراً‏.‏

وإنه كان عندهم دفاتر بأنساب الحمام كأنساب العرب‏.‏

وإنه كان لا يمتنع الرجل الجليل ولا الفقيه ولا العدل من اتخاذ الحمام والمنافسة فيه والإخبار عنهان والوصف لأثرها والنعت لمشهورها حتى وجه أهل البصرة إلى بكار بن قتيبة البكرالديار المصرية والبلاد الشامية من الموصل وأن أول من اعتنى به من الملوك ونقله من الموصل‏:‏ الشهيد نور الدين بن زنكي صاحب الشام رحمه الله في سنة خمس وستين وخمسمائة‏.‏

وحافظ عليه الخلفاء الفاطميون بمصر وبالغوا حتى أفردوا له ديواناً وجرائد بأنساب الحمام‏.‏

وقد اعتنى بعض المصنفين بأمره حتى صنف فيه أبو الحسن بن ملاعب القواس البغدادي كتاباً للناصر لدين الله العباسي صنف فيه أبو الحسن بن ملاعب القواس البغدادي كتاباً للناصر لدين الله العباسي ذكر فيه أسماء أعضاء الطائر ورياشه والوشوم التي توشم في كل عضو وألوان الطيور وما يستحسن من صفاتها وكطيفية إفراخها وبعض السافات التي أرسلت منها وذكر شيء من نوادرها وحكاياتها ما يجري مجرى ذلك‏.‏

وذكر في التعريف‏:‏ أن القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر صنف فيها كتاباً سماه تمائم الحمائم الأمر الأول ذكر ألوانها قال أبو الحسن القواس‏:‏ وقد أكثر الناس من ذكر ألوانها ويرجع القصد فيها إلى ذكر ألوان ستة‏:‏ اللون الأول البياض - ومنه الأبيض الصافي والأشقر وهو ما كان يعلوه حمرة فإن كان الغالب في شقرته البياض قيل‏:‏ فضي فإن زاد قيل‏:‏ أشقر‏.‏

اللون الثاني الخضرة - إن كانت خضرته مشبعة إلى السواد قيل‏:‏ أخضر مسني فإن كان دون ذلك قيل‏:‏ نبتي الخضرة فإن كان دون ذلك قيل‏:‏ صافي الخضرة فإن تكدرت خضرته بأن لم يكن صافي الخضرة قيل‏:‏ أسمر‏.‏

اللون الثالث الصفرة - وهي عبارة عن أن تكون خضرته تميل إلى البياض فإن كان صافياً قيل‏:‏ أصفر قرطاسي‏.‏

اللون الرابع الحمرة - إذا كان شديد الحمرة قيل‏:‏ عنابي فإن كان دون ذلك قيل‏:‏ خمري فإن كان دون ذلك قيل‏:‏ خلوقي فإن كانت حمرته تضرب إلى الخضرة قيل‏:‏ أكفأ فإن كانت حمرته تضرب إلى البياض قيل‏:‏ أحمر صدقي‏.‏

اللون الخامس - السواد - إذا كان شديد السواد لا بياض فيه قيل‏:‏ أسود مطبق فإن كان لون سواده ناقصاً قيل‏:‏ أسود أخلس فإن كان سواده يضرب إلى الخضرة قيل‏:‏ أسود رمادي فإن كان في سواده مائية قيل‏:‏ أسود براق فإن كان ساقاه أيضاً أسودين قيل‏:‏ اسود حالك وأسود زنجي‏.‏

اللون السادس النمري - وهو أن يكون في الطائر نقط يخالف بعضها بعضاً ويختلف الحال فيه باختلاف كبر النقط وصغرها فتارة يقال‏:‏ مدنر وتارة يقال‏:‏ ملمع وتارة يقول‏:‏ أبرش وتارة يقال‏:‏ موشح وتارة يقالك أبقع وتارة يقال‏:‏ أبلق وتارة يقال‏:‏ دباسي وتارة يقال‏:‏ مدرع إلى غير ذلك مما لا يستوفي كثرة‏.‏

ثم إن كان الطائر أكحل العينين وحول عينيه حمرة قيل‏:‏ فقيع فإن كان اصفر العين قيل‏:‏ أصفر زرنيخي فإن كان أبيض العنق قيل‏:‏ هلالي وهو أحسنها والأصفر العين بعده فإن كانت العين بيضاء وفيها حمرة قيل‏:‏ رماني العين‏.‏

الأمر الثاني في عدد ريش الجناحين والذنب المعتد به وأسمائها أما الجناحان فإن فيهما عشرين ريشة في كل جناح منهما عشر ريشات الأولى منها وهي التي في طرف الجناح تسمى‏:‏ الصمة والثانية وهي التي بعدها تسمى‏:‏ المضافة الرئيسية والثالثة وهي التي بعدها تسمى‏:‏ الواسطية والرابعة وهي التي بعدها تسمى‏:‏ المضافة والخامسة وهي التي بعدها تسمى‏:‏ المنظفة والسادسة وهي التي بعدها تسمى‏:‏ المنحدرة والسابعة وهي التي بعدها تسمى‏:‏ الناقصة والثامنة وهي التي بعدها تسمى‏:‏ المونسة والتاسعة وهي التي بعدها وبعضهم يسمي الأولى‏:‏ الصغيرة والثانية‏:‏ الرقيقة والثالثة‏:‏ الموفية والرابعة‏:‏ الباحلة والخامسة‏:‏ الحيرة والسادسة‏:‏ الصرافة والسابعة‏:‏ ممسكة الرمي والثامنة والتاسعة‏:‏ الحافظتين والعاشرة‏:‏ الملكة‏.‏

وربما كان في كل جناح إحدى عشرة ريشة فيسمى الطائر حينئذ‏:‏ أعلم‏.‏

ولهذه الريشات العشر عشر ريشات مع كل واحدة منها رادفة وهي الريش الصغار التي تغطي قصب الجناح من ظاهره ولكل ريشة من هذه الريشات العشر ريشة صغيرة تغطي قصبتها لكل واحدة منها اسم يخصها‏.‏

ومن ريش الجناح أيضاً‏:‏ الخوافي وهي الريش المستقر مع العشر ريشات الطوال المنقلب برؤوسه إلى مؤخر الجناح وهي تسع ريشات الأولى منها تسمى‏:‏ الحدقة والثانية‏:‏ الرتمة والثالثة‏:‏ الغرة والرابعة‏:‏ الحز والخامسة‏:‏ الجائزة والسادسة‏:‏ المسلمة والسابعة‏:‏ الملازمة والثامنة‏:‏ الشعثة والتاسعة‏:‏ اللامعة وبعضهم يسمي الأولى‏:‏ بنت الملكة والثانية‏:‏ الإبرة والثالثة‏:‏ المقشعرة والرابعة‏:‏ الصافية والخامسة‏:‏ المصفية والسادسة‏:‏ المصفرة والسابعة‏:‏ الزرقاء والثامنة‏:‏ السوداء والتاسعة‏:‏ المزرقة وعد فيها عاشرة تسمى‏:‏ المخضرة ولكل ريشة من الريشات التسع ريشة صغيرة تغطي قصبتا لها اسم يخصها أيضاً‏.‏

ومن ريش الجناحين‏:‏ المقومات وهي ثلاث ريشات في طرف الجناح تسمى‏:‏ الزوائد ومن فوقها ثلاث ريشات صغار تغطي قصبتها تسمى‏:‏ الغواشي وأصلها مع أصل أيضاً‏.‏

وأما الذنب فالمعتبر فيه اثنتا عشرة ريشة من كل جانب‏:‏ منه ست ريشات تسمى الأولى منها‏:‏ الغزالة والثانية‏:‏ العروس والثالثة‏:‏ الباشقة والرابعة‏:‏ الباقية والخامسة‏:‏ المجاورة والسادسة‏:‏ العمود ومن الجانب الآخر كذلك‏.‏

الأمر الثالث الفرق بين الذكر والأنثى وقد ذكروا بينهما فروقاً منها أن الأنثى إذا تمشت قدمت الرجل اليسرى والذكر يقدم الرجل اليمنى ومنها أن ريش الذكر ابو الحسن القواس‏:‏ علامته أن يكون رأسه مكعباً وعينه معتدلة غير ناتئة ولا غائرة ولا فاترة ولا قلقة منزعجة وأن يكون منقاره غليظاً قصيراً وأن يكون وسط المنخرين مكلثم القرطميتن أهرت الشدقين واسع الصدر نقي الريش طويل الفخذين قصير الساقين غليظ الأصابع شثن البراثن طويل القوادم منغير إفراط‏.‏

ويستحب فيه قصر الذنب ودقته واجتماع ريشه من غير تفرق وأن يكون ظهره معتدلاً والى القصر أقرب وأن يكون جؤجؤه وهو جانب الصدر طويلاً ممتداً وعنقه طويلاً منصباً وريش قوامه وخوافيه مبنياً متطابقاً بعضه مع بعض من غير تفرق ولا تمعط وأن يكون شديد ويستحب فيه أيضاً أنيكون قليل الرعدة عند الفزع سريع اللقط للحب خفيف الحركة والنهوض والنزول منغير طيش ولا اختلاط وأن يكون ظهره مسطحاً لا أحدب ولا أوقص ويستحب فيه إذا وقف أن ينصب صدره ويرفع عنقه ويفتح ما بين فخذيه شبه البازي‏.‏

ومن علامة فراهته أنه إذا طال عليه الطيران وأراد النزول على سطحه ألا يدلي رجليه حتى يقع صدره على سطحه لأنه إذا دلى ساقيه كن عيباً عظيماً يقولون‏:‏ قد انحلت سراويله بمعنى أنه قد أدى جميع ما عنده من القوة والطاقة ويكره فيه دقة المغرز وطل الذنب وتفرق الريش‏.‏

الأمر الخامس الفراسة في الطائر من حال صغره قبل الطيران قالوا من علامة الطائر الفارة في صغره‏:‏ أن يكون حديد النظر شديد الحذر خفيف اللحم قليل الريش سريع النهضة كثير التلفت في الجو ممتد العظم مستوياً لطيف الذنب خارج العنق قصير الساقين طويل الفخذين محجلاً مذيل المنقار مدور القراطم مضاعف المحاجر يلزم موضعاً واحداً من صغره إلى ازدواجه فإذا ازدوج على السطح يكون حريصاً على طائرته حسن الأخلاق معها لا يطردها طرد الكلاب ولا يغتال غيلة الذئاب قليل الذرق كثر الدهن مدلا بنفسه كأنه يعلم أنه فاره‏.‏

فإن كان فيه بعض هذه الخصال كانت فراهته على قال أبو الحسن الكاتب‏:‏ ومن علامة شهامة الفرخ أن تكون فيه الحركة وهو تحت أبيه وأمه وكلما جمعته لتضمه تحتها خرج من تحتها ويعتلق للخروج وأن يكون ريش رأسه كأن فيه جلحاً وريش جسده وجناحه مستطيلاً عند نبعه من جسده وأن يطول ريشه حتى يغطي ظهره ولا ينتشر إلا بعد ذلك وأن يكون من جؤجؤ الصدر إلى مغرزة أقصر من بطنه إلى رأس براثنه‏.‏

وفي الحمام طائر يقال‏:‏ له‏:‏ الأندم وصفته أن يكون أسود المنقار ليس فيه بياض ورأس منقاره وأصله سواء لا تحديد في رأسه عريض القراطم غليظ الشدقين منتشر المنخرين جهوري الصوت غائر العين قال أبو الحسن القواس‏:‏ ولا تكون هذه الصفة إلا في الطائر الفاره الأصيل الكريم الأب والأم‏.‏

الأمر السادس بيان الزمان والمكان اللائقين بالإفراخ أما الزمان فأصلح أوقات التأليف‏:‏ أيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني وآذار ونيسان وأيار فإذا وقع الإفراخ في شيء من هذه الأوقات كانت الفراخ أقوياء نجباء أذكياء ونهوا عن الإفراخ في كانون الأول وكانون الثاني وشباط وآب وتموز وحزيران فإن الذي يفرخ فيه لا يزال ناقس البدن قليل الفظنة يلقي ريشه في السنة مرتين فيضعف‏.‏

وأما المكان فقد حكي عن إقليمن الهندي‏:‏ أن أولى ما أفرخ الحمام بالسطوح‏.‏

وذلك أن الفرخ يخرج من القشر فيلقى خشونة الهواء وحر الموضع فيصير له عادة ثم لا ينهض حتى يعرف وطنه وينقلب إليه أبوه وأمه بالزق والعلف فيعرف السطح حق المعرفة وينتقل خلفهما فيعلمانه الصعود والهبوط وربما أخذه إلى الرعي بالصحراء فلا يكمل حتى يصير شهماً عارفاً بأمور الطيران بخلاف ما إذا أفرخ بالسفل فإنه يتربى جسده على برودة الفيء ولين الهواء فإذا كمل وترقى إلى السطح لقيه خشونة الهواء وقوة الحر فيحدث له الحر الجامد بفؤاده الكباد والدق‏.‏

الأمر السابع في مسافة الطيران قد تقدم أن طائراً من الخليج القسطنطيني إلى البصرة وأن الحمام كان يرسل من مصر إلى البصرة أيضاً‏.‏

وذكر ابن سعيد في كتابه جنى المحل وجنى النحل‏:‏ أن العزيز ثاني خلفاء الفاطميين بمصر ذكر لوزيره يعقوب بن كلس أنه ما رأى القراصية البعلبكية وأنه يحب أن يراها وكان بدمشق حمام من مصر وبمصر حمام من الشام فكتب الوزير بطاقة يأمر فيها من بدمشق أن يجمع ما بها من الحمام المصري ويعلق في كل طائر حبابتٍ من القراصية البعلبكية وترسل ففعل ذلك فلم يمض النهار إلا وعنده قدر كثير من القراصية فطلع بها إلى العزيز من يومه وذكر أيضاً في كتابه المغرب في أخبار المغرب‏:‏ أن الوزير اليازوري المغربي وزير المستنصر الفاطمي وجه الحمام من مدينة تونس من إفريقية من بلاد المغرب إلى مصر فجاء إلى مصر‏.‏

وقد ذكر أبوالحسن القواس في كتابه في الحمام‏:‏ أن حماماً طار من عبادان إلى الكوفة وأن حماماً طار من الترناوذ إلى الأبلة ونحو ذلك‏.‏

وسيأتي الكلام على أبراج الحمام بالديار المصرية في المقالة العاشرة فيما بعد إن شاء الله تعالى‏.‏